العصيان ، فلهذا الحكم المنكشف أيضاً ، طاعة وعصيان ، يستقل العقل فيهما بما استقل به سابقاً ، ولو قلنا بالملازمة يكشف عن تعلّق أمر مولوي بهما أيضاً فيلزم أن لا ينتهي الأمر المكشوف إلى حدّ ، ولأجل ذلك للعقل في هذا المورد ، حكم دون الشرع ومثله لا يعدّ نقضاً للقاعدة كما لا يخفى لأنّها فيما إذا أمكن التعلّق.
٧ ـ كلام للمحقّق الاصفهاني :
إنّ الشيخ المحقّق الاصفهاني ممّن أصفق على التحسين والتقبيح العقليين على ما تقدّم ، ولكنّه ممّن لم يقبل الملازمة بين حكمي العقل والشرع في ذلك المجال وقال ما هذا حاصله : إنّ التكليف لا يمكن أن يكون داعياً على كل تقدير ، ولكل مكلّف عموماً إلّا بلحاظ ما يترتّب على موافقته من الثواب ، وعلى مخالفته من العقاب ، وحيث إنّ المفروض انّ العدل يوجب استحقاقَ المدح (١) ، والظلم يوجب استحقاق الذم (٢) عند العقلاء ومنهم الشارع ، فهو كاف في الدعوة من قبل الشارع بما هو عاقل ، ولا مجال لجعل الداعي بعد ثبوت الداعي من قبله ، فإنّ اختلاف حيثية العاقلية وحيثية الشارعية لا يرفع محذور ثبوت داعيين متماثلين مستقلّين في الدعوة بالاضافة إلى فعل واحد ، لأنّ الواحد لا يعقل صدوره من علّتين مستقلتين في الدعوة ـ إلى أن قال ـ :
نعم لو قلنا بأنّ ما تطابقت عليه آراء العقلاء نفس استحقاق المدح أو الذم دون استحقاق الثواب والعقاب أمكن أن يقال : إنّه لا يدعو على كل تقدير ولكلّ مكلّف ، لإمكان عدم المبالاة بالمدح والذم فلا بدّ من البعث والزجر المترتّب عليهما الثواب والعقاب ، فحينئذ يبقى للمولوية مجال.
__________________
(١ ـ ٢) يريد من المدح والذمّ المعنى الأعم الشامل للثواب والعقاب لا مجرّد المدح والذم غير الشامل للثواب والعقاب ، ويدل على ما ذكرنا ، ذيل كلامه وإلّا فلا يتم الاستدلال.