٨ ـ كلام للشيخ المظفر :
إنّ الشيخ المظفر (قدسسره) لم يتجاوز عمّا ذكره أُستاذه الجليل المحقّق الاصفهاني وقد قرّر ما نقلناه عنه وقال في تقرير الملازمة : أنّ العقل إذا حكم بحسن شيء أو قبحه ـ أي انّه إذا تطابقت آراء العقلاء جميعاً بما هم عقلاء ، على حسن شيء لما فيه من حفظ النظام وبقاء النوع أو على قبحه لما فيه من الاخلال بذلك ـ فإنّ الحكم هذا يكون بادئ رأي الجميع فلا بدّ أن يحكم الشارع بحكمهم ، لأنّه منهم بل رئيسهم فهو بما هو عاقل ، ـ بل خالق العقل ـ كسائر العقلاء لا بدّ أن يحكم بما يحكمون ولو فرضنا انّه لم يشاركهم في حكمهم لما كان ذلك الحكم بادي رأي الجميع وهذا خلاف الفرض.
ـ إلى أن قال : ـ لو ورد من الشارع أمر في مورد حكم العقل ، فهل هو أمر مولويّ أي أمر منه بما هو مولى ، أو أنّه أمر إرشادي أي أمر لأجل الارشاد إلى ما حكم به العقل ، والحقّ أنّه للإرشاد ، حيث يفرض انّ حكم العقل هذا كاف لدعوة المكلّف إلى الفعل الحسن فلا حاجة إلى جعل الداعي من قبل المولى ثانياً ، بل يكون عبثاً ولغواً ، بل هو مستحيل ، لأنّه يكون من باب تحصيل الحاصل.
ثمّ نبّه بما أفاده أُستاذه في آخر كلامه من أنّه لو كان ما تطابقت عليه آراء العقلاء هو استحقاق المدح والذم فقط على وجه لا يلزم منه استحقاق الثواب والعقاب من قبل المولى فيمكن ألّا يكون نفس إدراك استحقاق المدح والذم كافياً لدعوة كلّ أحد إلى العقل إلّا الأفذاذ من الناس فلا يستغني أكثر الناس عن الأمر من المولى المترتّب على موافقته الثواب ، وعلى مخالفته العقاب في مقام الدعوة إلى الفعل. (١)
يلاحظ عليه : بمثل ما سبق في تحليل كلام أُستاذه ، لكن نضيف عليه في
__________________
(١) أُصول الفقه : ١ / ٢٣٧ ـ ٢٣٨.