في الأخبار المأثورة عن الأئمّة (عليهمالسلام) فإنّ تلك التكاليف متصفة بالحسن والرجحان لما فيها من صون المكلّف عن مكايد الأعادي وإن تجرّد ما كلِّف به عن الحسن الابتدائي ، وطريانه بعد التكليف من حيث كونه امتثالاً وطاعة لا يقدح في ذلك ، لأنّ الكلام في الجهة المتفرع عليها التكليف لا في الجهة المتفرعة على التكليف. (١)
يلاحظ عليه : بنفس ما سبق ، فإنّ الكلام ليس في أنّ حسن التكليف مقصور على حسن المتعلّق حتى يصح النقض بالتكاليف الصادرة عن تقية ، بل الكلام في أنّه كل ما حسن الفعل ، حسن التكليف شرعاً لا أنّ كل ما حسُن التكليف ، حسُن الفعل حتى يعد المورد نقضاً عليه وبين المسألتين بون بعيد.
ج : أنّ كثيراً من علل الشرائع غير مطردة ، ومع ذلك يصح التكليف فيما يفقد تلك الحِكَم ، كالاعتداد ، المعلّل بعدم اختلاط المياه مع أنّه يجب مع القطع بعدم الاختلاط كالغائب عنها زوجها ، كتشريع غسل الجمعة لرفع رياح الآباط مع ثبوت استحبابه مع عدمها ، وكراهة الصلاة في الأودية لكونها مظنّة لمفاجأة السيل مع ثبوتها مع القطع بعدمها وقضية ذلك ، حسن التكليف مع عدم الحسن أو القبح في الفعل.
يلاحظ عليه : بنفس ما سبق في الدليلين السابقين فانّه خارج عن محط النزاع ، إذ لو صحّ ما ذكر فإنّما يتوجه إلى عكس القاعدة لا إلى نفسها ، أي لا يرد النقص على قولنا : «كل ما حكم به العقل ، حكم به الشرع ، بل يتوجّه النقص إلى عكسه أي كلّ ما حكم به الشرع حكم به العقل ، فالحكم الشرعي في المقام موجود دون الحكم العقلي ، والكلام في أصل القضية لا في عكسها ، وأمّا عدم حكمه بما حكم به الشرع ، فإنّما هو لأجل عدم إحاطته بما أحاط به الشرع وإلّا لحكم بمثله ، غاية الأمر أنَّ العقل لأجله القصور ، يكون ساكتاً في المقام ، أو معتقداً بصحته
__________________
(١) الفصول : ٣٣٩.