ب ـ الثمرات الأُصولية للمسألة :
قد عرفت أنّ للمسألة بعداً كلاميّاً وبعداً أُصولياً وقد تعرفت على نتائجها الكلامية فلنذكر نتائجها الأُصوليّة :
١ ـ قبح العقاب بلا بيان :
إنّ هذه النتيجة ـ مع كونها قابلة للاندراج بين النتائج الكلامية ـ ثمرة أُصولية ، وقد بنى الأُصوليون عليها مسألة البراءة عن التكليف عند الشكّ فيها قائلاً إنّ العقاب بلا بيان قبيح ، فلو كان المشكوك واجباً أو محرّماً كان عليه البيان إمّا بالعنوان الأوّلي أو الثانويّ ، وإذ لم يرد حكمه بأي عنوان ، نستكشف كون الوظيفة هي البراءة.
٢ ـ الاشتغال عند الشكّ في المكلّف به :
إنّ العقل وإن كان حاكماً بقبح العقاب بلا بيان ، لكنّه مستقل بحسنه فيما إذا علم التكليف وتردّد المكلّف به بين شيئين أو أشياء قائلاً بأنّ الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينية وهي لا تحصل إلّا بالاتيان بالجميع عند تردد الواجب ، أو ترك الجميع عند تردد الحرام بينها ، وعلى ذلك فالبراءة والاشتغال اللّذان يعدّان أبرز المسائل الأُصولية من نتائج تلك المسألة.
نعم القول بالحسن والقبح لا يكفي إلّا إذا ضم إليها مسألة الملازمة. بأن يستكشف العقل من حكمه بالبراءة أو الاشتغال في الموردين انّه كذلك عند الله سبحانه وتعالى. وبذلك تصبح مسألة الملازمة عنصراً مؤثراً في استنتاج البراءة والاشتغال ، ولعلّ خفاء مدخلية قانون الملازمة في الاستنتاج على بعض ، جعل البراءة والاشتغال من نتائج القول بالحسن والقبح. مع أنّهما من نتائج كلا الأمرين.