الاستدلال على الملازمة بالدليل النقلي :
إذا لم يكن ما قرّر من الدليل العقلي على الملازمة ، مقنعاً لصاحب الفصول لم يكن له نفي الملازمة حتى يستقصي الأدلّة في المقام مع أنّ في الكتاب والسنّة إلماعات إليها.
إنّ الظاهر من الآيات أنّ الفاظ المعروف والمنكر ، والطيبات والخبائث وما يعادلها كانت دارجة عندهم ومستعملة لديهم ، فكانوا يعرفونها بفطرتهم وبصرافة ذهنهم ، وانّ الغاية من بعث الرسول الأكرم هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتحريم الخبائث وتحليل الطيّبات ، فهذه الآيات تدل على الملازمة وإنّ المعروف عند العرف ، مطلوب عند الشرع والمنكر لديهم مبغوض عنده.
قال سبحانه في حقّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) (الأعراف / ١٥٧) وقال عزّ من قائل : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل / ٩٠)
وقال لقمان لابنه وهو يعظه : (يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ). (لقمان / ١٧)
وقد روي عن أبي جعفر انّه سأله رجل عن طول الجلوس في بيت الخلاء ... فقال : «دع القبيح لأهله فإنّ لكلّ شيء أهلاً».
إنّ الإمام أمير المؤمنين (عليهالسلام) يصف الأنبياء بأنّهم مذكّرون لما تقضي به فطرة الإنسان ويقول : «فبعث فيهم رسله ، وواتر إليهم أنبيائه ، ليستأدوهم ميثاق فطرته ، ويذكّروهم منسيّ نعمته ، ويحتجّوا عليهم بالتبليغ ويثيروا لهم دفائن