اكمال :
قد تقدّم عند مناقشة نظرية الفاضل التوني إنّ نفاة الملازمة استدلوا بقوله سبحانه : (مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (الاسراء / ١٥) ببيان انّ الآية حاكية عن نفي العقاب ، الملازم لنفي الحكم الشرعي ، مع ثبوت الحسن والقبح من بعض الموارد.
وبعبارة أُخرى أنّ إطلاق الآية يحكي عن عدم التعذيب ، الملازم لنفي الحكم الشرعي مطلقاً ، من غير فرق بين الفروع والأُصول ، ومن غير فرق بين ما يُدرك العقل حسنَ الفعل أو قبحه ، وعدم ادراكه ، فيلزم نفي الحكم الشرعي مع وجود الحكم العقلي.
أقول : إنّ الآية شغلت بال المفسّرين فقد ذكروا في المقام وجوهاً لا يسع المقام لذكرها.
وذهب العلّامة الطباطبائي انّ الآية بشهادة ما قبلها وما بعدها (١) ناظرة إلى العذاب الدنيوي بعقوبة الاستئصال ، وهذا هو الموقوف على بعث الرسول ، لا العذاب الأُخروي ، ولا العذاب الدنيوي ـ بغير صورة الاستئصال ـ وأمّا هما ففيه التفصيل ، فإنّ الأُصول التي يستقل العقل بإدراكها كالتوحيد والنبوة والمعاد ، فإنّما نلحقها آثار قبولها وتبعات ردِّها ، من غير توقّف على نبوة أو رسالة ، وبالجملة أُصول الدين وهي التي يستقل العقل ببيانها تستتبع المؤاخذة الإلهية على ردّها. بمجرّد قيام الحجة القاطعة العقلية من غير توقف على بيان النبي والرسول.
وأمّا الفروع فتستقرّ المؤاخذة الأُخروية على الفروع بالبيان النبوي ولا تتم
__________________
(١) لاحظ الآية ١٦ و ١٧ من نفس السورة.