المسألة الثانية :
ثبوت الملازمة بين
حكم العقل وحكم الشرع
قد عرفت فيما سبق أنّ هنا مسائل ثلاث ، وقد مضى البحث عن الأُولى وهي بمنزلة الصغرى للمسألة الثانية ، أعني : وجود الملازمة بين حكمي العقل والشرع ، بمعنى انّه إذا ثبت حكم العقل بحسن شيء أو قبحه هل يلزم عقلاً أن يحكم الشرع على طبقه أو لا؟ فالمعتزلة على الملازمة ، فهو عندهم طريق إلى العلم بالحكم الشرعي. دون غيرهم وأمّا أصحابنا فالأخباريون على إنكار الملازمة ، والأُصوليون على ثبوتها ، إلّا صاحب الفصول فقد أنكرها. وقبل الخوض في المقصود ، لا بدّ من التنبيه على أمر مهم له دور في القضاء الصحيح في المسألة وهو :
إنّ محل النزاع غير مُنقَّح في كلمات القوم ، ويظهر من الردود على نفي الملازمة بين حكمي العقل والنقل انّه حصل الخلط فيما عقد له هذا البحث.