يلاحظ عليه : أنّ بعث الرسول ، كناية عن البيان الواصل وحصول اليقين أو إقامة الحجة عليه ، ولأجل ذلك لو بعث الرسول ، ولم يصل البيان إلى العبد ، لما كان مسوِّغاً للعقاب وعلى ذلك لو حصل له اليقين بالصغرى ، أي التحسين والتقبيح العقليين وحصل اليقين بالكبرى : إنّ الشارع أيضاً حسّن ما حسّنه العقل وقبّح ما قبّحه ، يكون ممّن وصل إليه البيان ولأجله عُدَّ العقل ، في رواية هشام عن الكاظم (عليهالسلام) رسولاً من باطن ، قال : «يا هشام إنّ لله على الناس حجتين : حجة ظاهرة ، وحجة باطنة ، أمّا الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمّة ، وأمّا الباطنة فالعقول». (١)
أضف إلى ذلك أنّ ما ذكره في ذيل كلامه ، دليل على خروجه عن محطِّ البحث إذ ليس الكلام في الاعتماد على الإدراكات العقلية في إدراكات المصالح والمفاسد حتى يرد عليه قوله : «بأنّه يبعد من الله توكيل بعض أحكامه إلى مجرّد إدراك العقول مع شدّة اختلافها في الإدراكات من غير انضباطة بنص أو شرع فإنّه يوجب الاختلاف» وذلك لأنّ مسألة التحسين والتقبيح من الأُمور البديهية التي لا يختلف فيهما العقول غير المتأثرة عن الشبهات ، ولا صلة لها بما ذكر».
٣ ـ كلام الصدر في نفي كون المكشوف حكماً :
يرى السيد الصدر ، صحّة الملازمة ولكن يقول : انّ المكشوف عن طريق الملازمة لا يسمّى حكماً شرعياً ولا يترتّب عليه الثواب والعقاب قال : «إنّا إذا أدركنا العلّة التامة للحكم العقلي بوجوب شيء أو حرمته مثلاً ، يصح أن يحكم عليه بأنّ الشارع حكم أيضاً بمثل الحكم العقلي عليه ، ولكن لمّا فرضنا عدم بلوغ التكليف إلينا لا يترتّب عليه الثواب ، وإن كان يترتّب على نفس الفعل شيء من قرب وبعد ، فلا يكون واجباً أو حراماً شرعياً ـ إلى أن قال : ـ وبالجملة وجود
__________________
(١) الكافي : ١ / ١٦.