والتعلق بهذا الاسم والمعرفة بالله هو الّذى أوجب للعبد الرّجاء من حيث يدرى ومن حيث لا يدرى. فقوّة الرّجاء على حسب قوّة المعرفة بالله وأسمائه وصفاته وغلبة رحمته على غضبه. ولو لا روح الرّجاء لعطّلت عبوديّة القلب والجوارح ، وهدّمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا. بل لو لا روح الرّجاء لما تحرّكت الجوارح بالطّاعة ، ولو لا ريحه الطّيبة لما جرت سفن الأعمال فى بحر الإرادات ، قال بعض مشايخنا :
لو لا التعلّق بالرجاء تقطّعت |
|
نفس المحبّ تحسّرا وتمزّقا |
وكذاك لو لا برده لحرارة ال |
|
أكباد ذابت بالحجاب تحرّقا |
أيكون قطّ حليف حبّ لا يرى |
|
برجائه لحبيبه متعلّقا |
أم كلّما قويت محبّته له |
|
قوى الرّجاء فزاد فيه تشوّقا |
لو لا الرّجا يحدو المطىّ لما سرت |
|
بحمولها لديارهم ترجو اللّقاء |
وعلى حسب المحبّة وقوّتها يكون الرّجاء. وكلّ محبّ راج وخائف بالضرورة ، فهو أرجى ما يكون بحبيبه أحبّ ما كان إليه. وكذلك خوفه فإنّه يخاف سقوطه من عينه وطرد محبوبه له وإبعاده واحتجابه عنه ، فخوفه أشدّ خوف. فكلّ محبّة مصحوبة بالخوف والرّجاء ، وعلى قدر تمكّنها من قلب المحبّ يشتدّ خوفه ورجاؤه. ولكن خوف المحب لا يصحبه خشية بخلاف خوف المسىء ، ورجاء المحبّ لا يصحبه غاية بخلاف