وربما لا يكتفي بذكر القراءة والمعنى الذي ذهب إليه القارىء ، وإنما يناقشه في رأيه وفي هذه الحالة يذكر اسم القارىء كقوله : «وقرأ عاصم الجحدري (١) (لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ) قال كيف تهدم الصلاة دون الصوامع» (٢).
ويظهر تضلعه بعلم القراءة من خلال مناظراته العلمية منها عند ما سأله أحد شعراء هشام بن عبد الملك عن سبب قراءته ((مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)) بالخفض قال زيد بن علي : «هكذا سمعت أبي يقرؤها وذكر أنه سمع أباه يقرؤها كذلك وذكر أبوه أن رسول الله (ص) أمره كذلك. قال فقال الشاعر : أحلتني على الرواية ولم تبين الحجة وأن أتبين من روايتك مالك يوم الدين إياك نعبد على النداء يا مالك يوم الدين إياك نعبد فقال الإمام الشهيد أبو الحسين زيد بن علي ... يا ويحكاه مجازه من جر مالك يوم الدين أنه حدّث عن مخاطبة غائب. ثم رجع فخاطب شاهدا فقال إياك نعبد وإياك نستعين. والعرب تفعل ذلك في خطابها وأشعارها قال الرجل : أعطني واحدا من العرب فعل هذا في كلام أو شعر. قال الإمام الشهيد أبو الحسين زيد بن علي عليهماالسلام كيف روايتك للشعر؟ قال إني لأروي وأقول. قال الإمام زيد عليهالسلام فهل تحفظ قصيدة عنترة قال نعم فأنشدها فانشد حتى انتهى إلى قوله :
شطّت مزار العاشقين فأصبحت |
|
عسرا عليّ طلابك ابنة مخرم (٣) |
قال الإمام الشهيد أبو الحسين زيد بن علي عليهماالسلام ويحك تأمل هذا البيت فتأمله الرجل فقال صدقت لعمري لقد خاطب غائبا ثم رجع فخاطب شاهدا. قال الإمام ... ومثل هذا قول أبي ذئيب الهذلي :
يا لهف نفسي كان جدّة وجهه |
|
وبياض وجهك للتّراب الأ (٤) عفر» (٥) |
أقوال العلماء فيه :
تكفي قراءة سريعة لبعض ما قاله كبار العلماء في زيد وتقريظهم إياه للمعرفة بمكانة
__________________
(١) هو عاصم بن أبي الصباح العجاج وقيل ميمون الجحدري البصري أخذ القراءة عرضا عن سليمان بن قنة عن ابن عباس وقرأ على نصر بن عاصم والحسن وغيرهم كان من كبار القراء توفي سنة مائة وثمان وعشرين وقيل قبل الثلاثين والمائة انظر ترجمته في غاية النهاية ١ / ٣٤٩.
(٢) انظر ٢١٨ من هذا الكتاب.
(٣) في المخطوطة طلابها والصواب من المجاز ١ / ٢٣ والديوان ١٤٣ وانظر أيضا الصاحبي ٣٥٧ وفي ديوان عنترة حلت بأرض الزائرين فاصبحت انظر ١٤٣ والبيت من بحر الكامل.
(٤) البيت من الكامل وفي المجاز ١ / ٢٣ خالد بدل وجهه وهو لأبي كبير الهذلي وانظر تفسير الطبري ١ / ٥١ والصاحبي ٣٥٧.
(٥) تفسير سورة الفاتحة وبعض آيات القرآن ٣ ـ ٤.