وقال الجاحظ عنه كان زيد خطيبا لا يجارى (١).
وقد ذكرت مصادر عدة بعضا من خطبه منها قوله : «أوصيكم عباد الله بتقوى الله التي من اكتفى بها كفته ، ومن اجتن بها وقته. هي الزاد ولها المعاد ، زاد مبلغ ومعاد منج ، دعا إليها أسمع داع ووعاها خير واع ، فأعذر داعيها ، وفاز واعيها. إن تقوى الله حمت أولياء الله محارمه ، وألزمت قلوبهم مخافته ، حتى أسهرت ليلهم ، وأظمأت هواجرهم ، فأخذوا الراحة بالنصب ، والري بالظمأ ، وخافوا الأجل ، فبادروا العمل ، وكذبوا الأمل ، طوبى لهم وحسن مآب ...» (٢).
٢ ـ حكمه :
تناقلت الكتب المعنية بجمع الأقوال البليغة والعبارات الحكيمة ، بعضا من أقواله فمن ذلك : «ما أحبّ أحد الحياة قط إلّا ذلّ» (٣).
وقال زيد عند ما سئل عن الصمت أخير أم الكلام «أخزى الله الساكتة ، فما أفسدها للبيان وأجلبها للحصر. والله للمماراة أسرع في هدم العي من النار في يبس العرفج ، ومن السيل في الحدور» (٤). وأضاف الجاحظ في بيانه لما قصد إليه زيد بقوله : «قد عرف زيد أن المماراة مذمومة ولكنه قال : المماراة على ما فيها أقل ضررا من المساكتة ، التي تورث البلدة ، وتحل العقدة ، وتفسد المنة ، وتورث عللا ، وتولد أدواء أيسرها العي فإلى هذا المعنى ذهب زيد» (٥).
ومنها قوله : «اطلب ما يعنيك واترك ما لا يعنيك. فإن في ترك ما لا يعنيك دركا لما يعنيك ، وإنما تقدم على ما قدمت ، ولست تقدم على ما أخرت. فآثر ما تلقاه غدا على ما لا تراه أبدا» (٦).
ومنها ما قاله للزهري عند ما اقترف ذنبا فاستوحش من الناس وهام على وجهه فقال له زيد بن علي : «يا زهري لقنوطك من رحمة الله التي وسعت كل شيء أشدّ عليك من ذنبك فقال الزهري : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) (٧) فرجع إلى ماله وأهله وأصحابه» (٨).
وهناك أقوال أخرى له منثورة في مراجع عدة (٩).
__________________
(١) البيان والتبيين ١ / ٣٥٣.
(٢) مواسم الأدب وآثار العجم والعرب ١ / ٥٦ وانظر نماذج أخرى من خطبة في تفسير فرات الكوفي ٤٢ والحدائق الوردية ١ / ٣١٠ ـ ٣١٢ وغيرها.
(٣) البيان والتبيين ١ / ٣١٠ وعيون الأخبار ١ / ٢٩١ والبصائر والذخائر ٢ / ٨٥٩ وزهر الآداب ١ / ٧٢ وربيع الأبرار ٢ / ١٩٥.
(٤) البيان والتبيين ١ / ٣١٣ وزهر الآداب ١ / ٧٢ ومحاضرات الأدباء ١ / ٣١ وربيع الأبرار ٤ / ٢٥٨.
(٥) البيان والتبيين ١ / ٣١٣.
(٦) البيان والتبيين ١ / ٣٥٣.
(٧) سورة الأنعام ٦ / ١٢٤.
(٨) البيان والتبيين ١ / ١٦٨.
(٩) انظر عيون الأخبار ٣ / ٩٢ والبصائر والذخائر ٣ / ٨١ و ٥٤٣ و ٦٦٣ و ٦٧٣ وربيع الأبرار ٢ / ٧٩٣ و ٣ / ٣٣٧