التأفيف ، فلو كان قد ورد نصّ سابق بإباحة الضرب ، كان هذا القياس المتأخّر ناسخا.
الثانية : لو ورد نصّ بأنّ العتق لا يسري ، ثمّ ورد قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من أعتق شركا من عبد قوّم عليه الباقي» لقضينا بسريان عتق الأمة ، قياسا على العبد ، لأنّه مقطوع به ، للعلم القطعيّ بأنّ قصد الشارع إلى المملوك ، لأنّه مملوك لا الذكوريّة.
الثالثة : أن يرد النصّ بإباحة النّبيذ ، ثمّ يقول الشارع : حرّمت الخمر لشدّتها ، فإنّه ينسخ إباحة النّبيذ بقياسه على الخمر إن تعبّدنا بالقياس عند قوم ، ومطلقا عند آخرين ، لعدم الفرق بين : حرّمت كلّ مشتدّ ، وحرّمت الخمر لشدّتها ، ولذلك أقرّ النظّام والمفيد من الإماميّة بالقياس على العلّة المنصوصة ، وإن أنكرا أصل القياس وهو الذي اخترناه نحن.
لنا على المنع : أنّه لا يجوز أن ينسخ كتابا ، ولا سنّة ، ولا إجماعا ، بالإجماع ولا قياسا آخر ، لأنّ الثاني لا بد وأن يترجّح على الأوّل ، فحينئذ إمّا أن نقول إنّ القياس الأوّل ليس بقياس ، لعدم ترجيحه ، والترجيح شرط في الاقتضاء ، أو نقول : إنّه وإن لزم منه رفع حكمه فهو في معنى النسخ ، لكنّه ليس بنسخ لأنّا قلنا : النسخ هو خطاب دالّ على الارتفاع.
احتج المخالف (١) بقوله تعالى : (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ
__________________
(١) احتجّ بوجهين ، ثانيهما قوله : ولأنّ النسخ ، الخ.