الثالثة : الدليل العقلي دلّ على امتناع العمل به.
واتّفق الناس كافّة على جواز العمل بالخبر الّذي لا يعلم صحّته في الفتوى والشهادة وفي الأمور الدنيوية.
والحقّ وقوع التعبّد به لوجوه (١) :
الأوّل : قوله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ)(٢) أوجب الحذر بإخبار الطائفة وهي عدد لا يفيد قولهم العلم ، ووجوب الحذر يستلزم وجوب العمل.
أمّا وجوب الحذر ، فلأنّه أوجبه عند إنذار الطائفة ، لقوله : (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(٣) ، وكلمة «لعلّ» للترجّي ، وهو محال في حقّه تعالى. وإذا تعذّر حمله على ظاهره حمل على المجاز وهو الطلب ، لأنّ المترجّى طالب ، فإذا كان الطلب لازما للترجّي وجب حمل اللّفظ على الطلب ، وطلب الله هو الأمر فيكون قد أمر بالحذر. والإنذار الإخبار ، لأنّه عبارة عن الخبر المخوف ، والخبر داخل فيه ، فقد أوجب الحذر عند إخبار الطائفة.
وهي عدد لا يفيد قولهم العلم ، لأنّ كلّ ثلاثة فرقة ، وقد أوجب على كلّ فرقة خروج طائفة منها ، والطائفة من الثلاثة واحد أو اثنان ، وقولهما لا يفيد العلم.
وبيان وجوب العمل : انّ الراوي إذا روى لقوم خبرا يقتضي المنع من
__________________
(١) ذكر الرازي هذه الوجوه أيضا ، راجع المحصول : ٢ / ١٧١ وما بعدها.
(٢) التوبة : ١٢٢.
(٣) التوبة : ١٢٢.