ليس له الخروج في ذلك ـ وعن أحمد روايتان (١) ـ لما روته عائشة ، قالت : كان رسول الله صلّى الله عليه وآله ، إذا اعتكف لا يدخل البيت إلّا لحاجة الإِنسان (٢) .
وعنها : أنّها قالت : السنّة على المعتكف أن لا يعود مريضاً ولا يشهد جنازةً ولا يمسّ امرأةً ولا يباشرها ولا يخرج لحاجة إلّا لما لا بدّ منه (٣) .
ولأنّه ليس بواجب ، فلا يجوز ترك الاعتكاف الواجب لأجله (٤) .
والحديث نقول بموجبه ، ولا دلالة فيه على موضع النزاع .
والحديث الثاني ليس مسنداً إلى الرسول صلّى الله عليه وآله ، فلا يكون حجّةً .
وكونه ليس بواجب لا يمنع الاعتكاف من فعله ، كقضاء الحاجة .
مسألة ٢١٣ : لو تعيّنت عليه صلاة الجنازة وأمكنه فعلها في المسجد ، لم يجز له الخروج إليها ، فإن لم يمكنه ذلك ، فله الخروج إليها .
وإن تعيّن عليه دفن الميت أو تغسيله ، جاز له الخروج لأجله ؛ لأنّه واجب متعيّن ، فيقدّم على الاعتكاف ، كصلاة الجمعة .
والشافعي لمّا منع من عيادة المريض وصلاة الجنازة قال : لو خرج لقضاء الحاجة فعاد في الطريق مريضاً ، فإن لم يقف ولا ازْوَرَّ (٥) عن الطريق ، بل اقتصر على السلام والسؤال ، فلا بأس ، وإن وقف وأطال ، بطل اعتكافه ، وإن لم يُطل فوجهان ، والأصحّ : أنّه لا بأس به .
__________________
(١) المغني ٣ : ١٣٦ ، الشرح الكبير ٣ : ١٤٨ .
(٢) سنن أبي داود ٢ : ٣٣٢ / ٢٤٦٧ ، سنن الترمذي ٣ : ١٦٧ / ٨٠٤ ، سنن البيهقي ٤ : ٣١٥ .
(٣) سنن أبي داود ٢ : ٣٣٣ ـ ٣٣٤ / ٢٤٧٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٢١ .
(٤) المدوّنة الكبرى ١ : ٢٣٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٤ ، المجموع ٦ : ٥١٢ ، المغني ٣ : ١٣٦ ، الشرح الكبير ٣ : ١٤٨ ـ ١٤٩ .
(٥) ازْوَرَّ : عدل وانحرف . لسان العرب ٤ : ٣٣٥ .