فيه التفريق ، فلا يجب فيه التتابع بمطلق النذر ، كالصيام ، وهو أحد قولي الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد (١) .
والثاني : أنّه يلزمه التتابع ـ وهو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد في الرواية الاُخرى ـ لأنّه معنى يحصل في الليل والنهار ، فإذا أطلقه ، اقتضى التتابع ، كما لو حلف : لا يكلّم زيداً شهراً ، وكمدّة الإِيلاء والعدّة (٢) .
والوجه : الأول ؛ لأصالة براءة الذمة .
إذا عرفت هذا ، فإنّ التتابع وإن لم يلزمه إلّا في كلّ ثلاثة عندنا ، ولا يلزمه مطلقاً عند العامة ، فإنّ الأفضل التتابع ؛ لما فيه من المسابقة إلى فعل ما يوجب المغفرة .
ولو لم يتلفّظ بالتتابع في نذره ، لكن نواه في ضميره ، فإن قلنا : النذر ينعقد بالضمير ؛ لزمه ، وإلّا فلا .
ولو شرط في نذره التفريق ، لم يلزمه ، وخرج عن العهدة بالتتابع ؛ لأنّ الأولى التتابع ، فلا ينعقد نذر خلافه عندنا ـ وهو أصحّ وجهي الشافعيّة (٣) ـ كما لو عيّن غير المسجد الحرام ، يخرج عن العهدة بالاعتكاف في المسجد الحرام .
مسألة ٢٠٠ : لو لم يقيّد بالتتابع ، جاز له التفريق عندنا ثلاثة ثلاثة .
وهل يجوز التفريق يوماً يوماً ، بأن يعتكف يوماً عن نذره ثم يضمّ إليه يومين مندوباً ؟ الأقرب : الجواز ، كما لو نذر أن يعتكف يوماً وسكت عن الزيادة وعدمها ، فإنّه يجب عليه الإِتيان بذلك اليوم ، ويضمّ إليه يومين
__________________
(١) فتح العزيز ٦ : ٥٠٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٠ ، المغني ٣ : ١٥٧ ـ ١٥٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٨ .
(٢) المجموع ٦ : ٤٩٤ ، فتح العزيز ٦ : ٥٠٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١١ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٩ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٧ ، المدونة الكبرى ١ : ٢٣٤ ، المغني ٣ : ١٥٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٣٨ .
(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٨ ، المجموع ٦ : ٤٩٣ ، فتح العزيز ٦ : ٥٠٨ .