فإذن ، الآنان متغايران ، ولا يجوز تتاليهما وإلّا لزم وجود الجزء الذي لا يتجزّأ ، وهو باطل لما يأتي.
فإذن بين الآن الذي وجد (١) فيه علّة الوصول وبين الآن الذي وجد فيه علّة المفارقة زمان ليس في علّة فيكون الجسم في ذلك الزمان ساكنا وهو المطلوب ، فإذن الحركات (٢) المستقيمة كلّها منقطعة لأنّها إن رجعت انتهت بهذا البرهان ، وإن استمرّت في سمت واحد لزم تناهيها لتناهي البعد الذي يتحرّك فيه ، فلو كان الزمان مقدارا للحركة المستقيمة لزم أن ينقطع (٣) ، وأفلاطون استدلّ بأنّه لو وجب هذا السكون لوجب (٤) وقوف الحبل الهابط عند انتهاء حركة الحصاة (٥) الصاعدة.
واعلم أنّ هذه الحجج (٦) ضعيفة ، وقد بيّنّا فسادها في كتاب الأسرار (٧) ؛ فليطالع من هناك.
قال :
وعدم الآن في جميع الزمان الذي بعده.
أقول :
هذا جواب عن سؤال (٨) يورد على قولهم : الآنات لا تتتالى ، وتقريره أن نقول :
__________________
(١) في «ف» : (وجود).
(٢) في «ب» : (الحركة).
(٣) في «أ» : (يتقطّع).
(٤) في «ف» : (لموجب).
(٥) في «ف» : (انحصاره).
(٦) في «ب» : (الحجّة).
(٧) الأسرار الخفيّة : ٣١٣.
(٨) في «س» زيادة : (مقدّر).