واعلم أنّ هذا مبنيّ على إثبات المادّة كما قلناه أوّلا ، وإثبات المادّة ممنوع بالدليل الذي ذكرناه ، ودليل الانفصال الذي استدلّوا به على إثبات المادّة مدخول بما ذكرناه.
[أدلّة الفلاسفة على نفي الخلأ]
قال :
احتجّوا بتقديره (١).
أقول :
احتجّ الفلاسفة على نفي الخلأ بوجوه :
أحدها : أنّ الخلأ متقدّر لذاته ، فإنّا نعلم بالضرورة أنّ البعد الذي بين جداري (٢) البيت أعظم من البعد الذي بين طرفي الطاس ، فالخلاء كمّ متّصل وإلّا لما طابق الجسم المتّصل وتقبّل الانفصال فلا بدّ له من مادّة ، فالخلاء ملأ ، وهذا خلف (٣).
قال :
ولأنّه يلزم أن تتساوى الحركتان المعوقة وغيرها لأنّ المعاوقة بإزاء الغلظ ، فإذا فرضنا عديم (٤) المعاوقة تحرّك مسافة في وقت وآخر (٥) معها في أزيد (٦) وآخر أرقّ بنسبة زمانيهما فتكون مساوية للخالية.
__________________
(١) (قال : احتجّوا بتقديره) سقط من «ف».
(٢) في «د» : (جدار).
(٣) انظر شرح الإشارات ٢ : ١٦٤ ، والفصل الثامن من المقالة الثانية من الفنّ الأوّل من طبيعيّات الشفاء ، المباحث المشرقيّة ١ : ٣٣٨ ، ونهاية المرام ١ : ٤١٢.
(٤) في «د» : (عدم).
(٥) في «د» : (واحد).
(٦) في «ف» : (آخر معها أزيد) بدل من : (وآخر معها في أزيد).