أقول :
هذا دليل على كون النظر واجبا ، وتقريره : أنّ معرفة الله تعالى واجبة ولا تتمّ إلّا بالنظر ، وما لا يتمّ الواجب إلّا به يكون واجبا. أمّا أنّ معرفة الله تعالى واجبة فلكونها دافعة للخوف ، ودفع الخوف واجب. أمّا أنّها دافعة للخوف فلأنّ العاقل إذا نشأ بين العالم وجد اختلافهم فيحصل له الخوف بسبب الاختلاف. و (١) أيضا إذا تكامل عقله حصل له فكرة في مبدئه ومعاده والمراد منه ، فيحصل له الخوف أيضا فيجب عليه إزالته ، وإنّما يحصل بالمعرفة فتكون المعرفة واجبة.
وأمّا إنّ المعرفة لا تحصل إلّا بالنظر فلأنّ العقلاء بأسرهم عند اشتباه الأمور عليهم يلتجئون إلى الفكر والنظر ، فلو لا أنّه حصل في عقولهم كون النظر والفكر محصّلا للمعارف لما التجئوا إليه.
وأمّا أنّ ما لا يتمّ الواجب إلّا به يكون واجبا فلأنّه لو لا ذلك لزم خروج الواجب (٢) عن كونه واجبا أو التكليف بما لا يطاق ، والتالي بقسميه باطل ؛ فالمقدّم مثله.
[ردّ قول الملاحدة]
قال :
وقول الإمام لا بدّ فيه من نظر ، ولا حاجة إليه لأنّ الترتيب مؤدّ بالضرورة.
__________________
(١) الواو ليست في «ف».
(٢) في حاشية «ب» : (المطلق).