الزائر أنّ صلاته وعمله إنّما هو لله وحده وأنّه لا يعبد سواه ، وليست الزيارة إلّا نوع من التقرّب إليه تعالى زلفى ، إذ يقول :
«اللهم لك صلّيت ولك ركعت ولك سجدت وحدك لا شريك لك ، لأنه لا تكون الصلاة والركوع والسجود إلّا لك ، لأنّك أنت الله لا إله إلا أنت. اللهم صلّ على محمد وآل محمّد وتقبّل مني زيارتي واعطني سؤلي بمحمّد وآله الطاهرين.
وفي هذا النوع من الأدب ما يوضح لمن يريد أن يفهم الحقيقة عن مقاصد الأئمة وشيعتهم تبعا لهم في زيارة القبور ، وما يلقم المتجاهلين حجرا حينما يزعمون أنها عندهم من نوع عبادة القبور والتقرّب إليها والشرك بالله.
وأغلب الظنّ أن غرض أمثال هؤلاء هو التزهيد فيما يجلب لجماعة الإمامية من الفوائد الاجتماعية الدينيّة في مواسم الزيارات ، إذ أصبحت شوكة في أعين أعداء آل بيت محمّد ، وإلّا فما نظنّهم يجهلون حقيقة مقاصد آل البيت فيها. حاشا أولئك الذين أخلصوا لله نيّاتهم وتجرّدوا له في عباداتهم ، وبذلوا مهجهم في نصرة دينه أن يدعو الناس إلى الشرك في عبادة الله.
٨ ـ ومن آداب الزيارة (أن يلزم للزائر حسن الصحبة لمن يصحبه وقلّة الكلام إلّا بخير وكثرة ذكر الله (١) ، والخشوع وكثرة الصلاة ، والصلاة على محمد وآل محمد ، وأن يغضّ من بصره ، وأن يعدو إلى أهل الحاجة من إخوانه إذا رأى من إخوانه منقطعا ، والمواساة لهم ، والورع عما نهى عنه وعن الخصومة وكثرة الإيمان والجدال الذي فيه الإيمان) (٢).
ثم انّه ليست حقيقة الزيارة إلّا السلام على النبي أو الإمام باعتبار أنهم
__________________
(١) ليس المراد من كثرة ذكر الله تكرار التسبيح والتكبير ونحوهما فقط ، بل المراد ما ذكره الإمام الصادق عليهالسلام في بعض الحديث في تفسير ذكر الله كثيرا أنه قال : أما أني لا أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وإن كان هذا من ذاك ولكن ذكر الله في كل موطن إذا هجمت على طاعة أو معصية.
(٢) راجع كامل الزيارات : ص ١٣١.