الأساليب العادية ممكنة في هذا القضاء ، فلجأ موسى عليهالسلام إلى طريق إعجازي لحلّ هذه المسألة ، فقال موسى عليهالسلام لهم : ايتوني ببقرة ، قالوا : أتتخذنا هزوا؟ قال : أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. قالوا له : ادع لنا ربّك يبيّن لنا ما هي؟
قال عليهالسلام : إنه يقول إنها بقرة لا فرض ولا بكر ـ يعني لا صغيرة ولا كبيرة ـ عوان بين ذلك.
ثم قال لهم : اضربوا الميّت بذنب البقرة فلمّا فعلوا ذلك حيي المقتول وقال : يا رسول الله إنّ ابن عمّي قتلني.
فالغاية من إحياء قتيل بني إسرائيل هي أن تقام الحجّة على من قتله ، كذلك الغاية من رجوع بعض الأموات لإقامة الحجة وإثبات النصرة لولي الله الأعظم أرواحنا فداه.
ج ـ رجوع النبي عزير إلى الحياة بعد مائة عام من موته كما قصّ ذلك القرآن بقوله تعالى :
(أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة / ٢٦٠).
مفاد الآية : أن النبي عزير كان راكبا على حمار ومعه طعامه وشرابه فمرّ بقرية قد مات أهلها أكلت الديدان أجسادهم فصاروا عظاما نخرة ، فتساءل متعجبا واستعظاما للأمر ولقدرة الله تعالى من غير استبعاد يؤدي إلى الشكّ أو الإنكار حاشا مقام النبوّة.
عندها أماته الله تعالى مائة سنة ثم أحياه مرة أخرى وأراد كيفيّة إعادة الخلق فشاهد عمليّة تركيب عظام الحمار بعد تفككها ثم كيف أن الله سبحانه كساها باللحم إلى آخر عملية الإحياء.
وقصته عليهالسلام مشابهة لقصة النبي إبراهيم عليهالسلام الذي طلب من الله تعالى معرفة الإحياء بقوله : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) (البقرة / ٢٦١).