الأموات شيء آخر وذلك ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ومشاهدة دولته فينتقمون من أعدائه ومبغضيه.
ثانيا : إنّ رجوع أوصافهم ودولتهم أجنبي عن صريح الأخبار وحقيقة الرجعة ، وان الذين يرجعون هم الأشخاص وذواتهم أما رجوع الأوصاف فلا اختصاص له بآخر الزمان بل هو أمر واقع من لدن خلقة آدم ، فإنّ كل نبيّ ووصيّ كان يقوم في مقام نبيّ أو وصيّ سابق، بل أصحابهم أيضا كانوا يقومون مقام أصحاب الماضين من الأنبياء والأوصياء.
ثالثا : أن النص الذي يراد تأويله لا بدّ أن يكون مخالفا في ظاهره لما يحكم به العقل ، أو مخالفا للثوابت والمسلّمات الشرعية وغيرها ، وأي غضاضة إذا قلنا أنّ الله يعيد بعض الأشخاص إلى الدنيا؟! وهل الاعتقاد بهذا يستلزم مخالفة لأحكام العقل والشرع حتى استدعى الأمر عند بعضهم أن يؤول النصوص الواردة فيها؟! فلا بدّ للذين يريدون تأويل النصوص أن يكون تأويلهم معقولا ومقبولا وموافقا للكتاب الكريم وإلّا فلا بد حينئذ من رفضه وردّه لمخالفته للنص القرآني القطعيّ ، وما خالف القرآن فهو زخرف (١) ، وهل يمكن تأويل الآية التي دلّت على رجعة عزير إلى الدنيا بحملها على عودة نبوّته دون جسده؟! وإذا لم يمكن التأويل لصراحة الآية بذلك ، فكيف يتطرّق التأويل حينئذ إلى النصوص المتعلقة بالرجعة مع صراحتها بعودة بعض الأجساد مع أرواحها إلى الدنيا؟!
رابعا : لا يجوز شرعا وعقلا أن نرفض كل نص لم نستطع إدراك الحكمة فيه ، كما يحرّم علينا تأويله بما لا يتناسب والأسس المقررة ، فعدم القدرة على تعقّل أو فهم النص لا يبرّر رفضه أو تأويله بما يخرجه عن معناه الصحيح ، وإذا لم يمكن تأويله فعلينا أن نسلّم بفحواه ما دام غير مخالف للقرآن الكريم إذ قد يأتي زمان تترقّى فيه قوانا الفكرية ويزيد فيه علمنا ، ونعرف الحكمة فيه كما روي عن ابن عباس قال : «لا تفسّروا القرآن فالزمان يفسّره» ، حيث كشفت البحوث العلمية في زماننا هذا عن كثير من حقائق القرآن التي لا يخفى وجه الحكمة فيها في العصور المتقدّمة.
__________________
(١) وسائل الشيعة ج ١٨ ص ٧٩ ح ١٤. مؤسسة دار إحياء التراث العربي.