والرابع : مسألة سؤال الملكين للميت وإقعاده في قبره ، فإنه إنما يشكل إذا حكمنا المعتاد في الدنيا ، وقد تقدم أن تحكيمه بإطلاق غير صحيح لقصوره ، وإمكان خرق العوائد ، أما بفتح القبر حتى يمكن إقعاده ، أو بغير ذلك من الأمور التي لا تحيط بمعرفتها العقول.
والخامس : مسألة تطاير الصحف وقراءة من لم يقرأ قط ، وقراءته إياه وهو خلف ظهره كل ذلك يمكن فيه خرق العوائد فيتصوره العقل على وجه منها.
والسادس : مسألة إنطاق الجوارح شاهدة على صاحبها لا فرق بينها وبين الاحجار والأشجار التي شهدت لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بالرسالة.
والسابع : رؤية الله في الآخرة جائزة ، إذ لا دليل في العقل يدل على أنه لا رؤية إلا على الوجه المعتاد عندنا ، إذ يمكن أن تصح الرؤية على أوجه صحيحة ليس فيها اتصال أشعة ولا مقابلة ولا تصور جهة ولا فضل جسم شفاف ولا غير ذلك ، والعقل لا يجزم بامتناع ذلك بديهة ، وهو إلى القصور في النظر أميل ، والشرع قد جاء بإثباتها فلا معدل عن التصديق.
والثامن : كلام الباري تعالى إنما نفاه من نفاه وقوفا مع الكلام الملازم للصوت والحرف ، وهو في حق الباري محال ، ولم يقف مع إمكان أن يكون كلامه تعالى خارجا عن مشابهة المعتاد على وجه صحيح لائق بالرب ، إذ لا ينحصر الكلام فيه عقلا ، ولا يجزم العقل بأن الكلام إذا كان على غير الوجه المعتاد محال ، فكان من حقه الوقوف مع ظاهر الأخبار مجردا.
والتاسع : إثبات الصفات كالكلام ، إنما نفاه من نفاه للزوم التركيب عنده في ذات الباري تعالى ـ على القول بإثباتها ـ فلا يمكن أن يكون واحدا مع إثباتها ، وهذا قطع من العقل الذي ثبت قصور إدراكه في المخلوقات ، فكيف لا يثبت قصوره في إدراكه إذا دعي التركيب بالنسبة إلى صفات الباري؟ فكان من الصواب في حقه أن يثبت من الصفات ما أثبته الله لنفسه ، ويقر مع ذلك بالوحدانية له على الإطلاق والعموم.
والعاشر : تحكيم العقل على الله تعالى ، بحيث يقول : يجب عليه بعثة الرسل ، ويجب عليه الصلاح والأصلح ، ويجب عليه اللطف ، ويجب عليه كذا ـ إلى آخر ما ينطق به في تلك الأشياء ـ وهذا إنما نشأ من ذلك الأصل المتقدم ، وهو الاعتياد في الإيجاب على