ملبوسا ، وليملك إن كان مملوكا ، وكأنه إجماع منهم منقول عن مالك وأبي حنيفة والشافعي وغيرهم ، واختلفوا في الزوجة ، ومذهب مالك أن التحريم طلاق كالطلاق الثلاث ، وما سوى ذلك فهو باطل ، لأن القرآن شهد بكونه اعتداء ، حتى إنه إن حرم على نفسه وطء أمة غيره قاصدا به العتق فوطؤها حلال ، وكذلك سائر الأشياء من اللباس والمسكن والصمت والاستظلال والاستضحاء ، وقد تقدم الحديث في الناذر للصوم قائما في الشمس ساكتا ، فإنه تحريم للجلوس والكلام والاستظلال ، والنبي صلىاللهعليهوسلم أمره بالجلوس والتكلم والاستظلال ، قال مالك : أمره ليتم ما كان له فيه طاعة ويترك ما كان عليه فيه معصية.
فتأملوا كيف جعل مالك ترك الحلال معصية! وهو مقتضى الآية في قوله تعالى (وَلا تَعْتَدُوا) الآية ، ومقتضى قول ابن مسعود رضي الله عنه لصاحب الضرر : هذا من خطوات الشيطان.
وقد ضعف ابن رشد الحفيد الاستدلال من المالكية بالحديث ، وتفسير مالك له ، وذكر أن قوله في الحديث : ويترك ما كان عليه فيه معصية ليس بالظاهر أن ترك الكلام معصية ، وقد أخبر الله تعالى أنه نذر مريم ـ قال ـ وكذلك يشبه أن يكون القيام للشمس ليس معصية إلا ما يتعلق من جهة تعب الجسم والنفس ، وقد يستحب للحاج أن لا يستظل ، فإن قيل : فيه معصية ، فبالقياس على ما نهي عنه من التعب لا بالنص ، والأصل فيه أنه من المباحات.
وما قاله ابن رشد غير ظاهر ، ولم يقل مالك في الحديث ما قال استنباطا منه ، بل الظاهر أنه استدل بالآية المتكلم فيها ، وحمل الحديث عليها بترك الكلام ، وإن كان في الشرائع الأول مشروعا فهو منسوخ بهذه الشريعة ، فهو عمل في مشروع بغير مشروع ، وكذلك القيام في الشمس زيادة من باب تحريم الحلال ، وإن استحب في موضع ، فلا يلزم استحبابه في آخر.
فصل
ويتعلق بهذا الموضع مسائل.
إحداها : أن تحريم الحلال وما أشبه ذلك يتصور في أوجه.