الجميع ، فإن حدث للعامل بالبدعة هو في بدعته ، أو لمن شايعه فيها ، فلا بد من كسله مما هو أولى.
فنحن نعلم أن ساهر ليلة النصف من شعبان لتلك الصلاة المحدثة لا يأتيه الصبح إلا وهو نائم أو في غاية الكسل فيخل بصلاة الصبح ، وكذلك سائر المحدثات فصارت هذه الزيادة عائدة على ما هو أولى عنها بالإبطال أو الإخلال ، وقد مرّ أن ما من بدعة تحدث إلا ويموت من السنّة ما هو خير منها.
وأيضا : فإن هذا القياس مخالف لأصل شرعي ، وهو طلب النبي صلىاللهعليهوسلم السهولة والرفق والتيسير وعدم التشديد ، وزيادة وظيفة لم تشرع فتظهر ويعمل بها دائما في مواطن السنن ، فهو تشديد بلا شك ، وإن سلمنا ما قال : فقد وجد كل مبتدع من العامة السبيل إلى إحداث البدع ، وأخذ هذا الكلام بيده حجة وبرهانا على صحة ما يحدثه كائنا ما كان ، وهو مرمى بعيد.
ثم استدل على جواز الدعاء إثر الصلاة في الجملة ، ونقل في ذلك عن مالك وغيره أنواعا من الكلام ، وليس هذا محل النزاع بل جعل الأدلة شاملة لتلك الكيفية المذكورة ، وعقب ذلك بقوله : وقد تظاهرت الأحاديث والآثار وعمل الناس وكلام العلماء على هذا المعنى ، كما قد ظهر ـ قال ـ ومن المعلوم أنه عليه الصلاة والسلام كان الإمام في الصلوات ، وأنه لم يكن ليخص نفسه بتلك الدعوات ، إذ قد جاء من سنته : «لا يحل لرجل أن يؤم قوما إلا بإذنهم ، ولا يخص نفسه بدعوة دونهم ؛ فإن فعل فقد خانهم» (١) فتأملوا يا أولي الألباب! فإن عامة النصوص فيما سمع من أدعيته في أدبار الصلوات إنما كان دعاء لنفسه ، وهذا الكلام يقول فيه : إنه لم يكن ليخص نفسه بالدعاء دون الجماعة ، وهذا تناقض ، ومن الله نسأل التوفيق.
وإنما حمل الناس الحديث على دعاء الإمام في نفس الصلاة من السجود وغيره ، لا
__________________
(١) أخرجه أبو داود في كتاب : الطهارة ، باب : أيصلي الرجل وهو حاقن (الحديث : ٩١). ولفظه : «لا يحل أن يؤم قوما إلا بإذنهم ، ولا يخص نفسه بدعوة دونهم ، فإن فعل فقد خانهم».