ـ كما تقدم ـ فإذا ما فعلت الهند نحو مما فعلت الجاهلية ، وسيأتي مذهب المهدي المغربي في شرعية القتل.
على أن بعض المفسرين قال في قوله تعالى : (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ) (١) أنه قتل الأولاد على جهة النذر والتقرب به إلى الله ، كما فعل عبد المطلب في ابنه عبد الله أبي النبي صلىاللهعليهوسلم.
وهذا القتل قد يشكل ، إذ يقال لعل ذلك من جملة ما اقتدوا فيه بأبيهم إبراهيم عليهالسلام ، لأن الله أمره بذبح ابنه ، فلا يكون ذلك اختراعا وافتراء ، لرجوعها إلى أصل صحيح وهو عمل أبيهم عليهالسلام ، وإن صح هذا القول وتؤول فعل إبراهيم عليهالسلام على أنه لم يكن شريعة لمن بعده من ذريته فوجه اختراعه دينا ظاهر ، لا سيما عند عروض شبهة الذبح ، وهو شأن أهل البدع ، إذ لا بد لهم من شبهة يتعلقون بها ـ كما تقدم التنبيه عليه ـ وكون ما تفعل أهل الهند من هذا القبيل ظاهر جدّا.
ويجري مجرى إتلاف النفس إتلاف بعضها ، كقطع عضو من الأعضاء ، أو تعطيل منفعة من منافعه بقصد التقرب إلى الله بذلك ، فهو من جملة البدع ، وعليه يدل الحديث حيث قال : رد رسول الله صلىاللهعليهوسلم التبتل على عثمان بن مظعون ولو أذن له لاختصينا. فالخصاء بقصد التبتل وترك الاشتغال بملابسة النساء واكتساب الأهل والولد مردود مذموم ، وصاحبه معتد غير محبوب عند الله ، حسبما نبه قوله تعالى : (وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (٢) وكذلك فقء العين لئلا ينظر إلى ما لا يحل له.
فصل
ومثال ما يقع في النسل ما ذكر من أنكحة الجاهلية التي كانت معهودة فيها ومعمولا بها ، ومتخذة فيها كالدين المنتسب والملة الجارية التي لا عهد بها في شريعة إبراهيم عليهالسلام ولا غيره ، بل كانت من جملة ما اخترعوا وابتدعوا ، وهو على أنواع.
__________________
(١) سورة : الأنعام ، الآية : ١٣٧.
(٢) سورة : المائدة ، الآية : ٨٧.