وكان الصحابة رضي الله عنهم لا يضحون (يعني : أنهم لا يلتزمون الأضحية).
قال حذيفة بن أسد : شهدت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما لا يضحيان مخافة أن يرى أنها واجبة.
وقال بلال : لا أبالي أن أضحى بكبشين أو بديك.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يشتري لحما بدرهم يوم الأضحى ، ويقول لعكرمة : من سألك فقل هذه أضحية ابن عباس.
وقال ابن مسعود : إني لأترك أضحيتي ـ وإني لمن أيسركم ـ مخافة أن يظن أنها واجبة.
وقال طاوس : ما رأيت بيتا أكثر لحما وخبزا وعلما من بيت ابن عباس ، يذبح وينحر كل يوم ، ثم لا يذبح يوم العيد ، وإنما يفعل ذلك لئلا يظن الناس أنها واجبة ، وكان إماما يقتدى به.
قال الطرطوشي : والقول في هذا كالذي قبله ، وإن لأهل الإسلام قولين في الأضحية : أحدهما سنّة ، والثاني واجبة ، ثم اقتحمت الصحابة ترك السنّة حذرا من أن يضع الناس الأمر على غير وجهه فيعتقدونها فريضة.
قال مالك في الموطأ في صيام ستة بعد الفطر من رمضان : إنه لم ير أحدا من أهل العلم والفقه يصومها ـ قال ـ ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف ، وأن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته ، وأن يلحق أهل الجهالة والجفاء برمضان ما ليس منه لو رأوا في ذلك رخصة من أهل العلم ، ورأوهم يقولون ذلك.
فكلام مالك هنا ليس فيه دليل على أنه لم يحفظ الحديث كما توهم بعضهم ، بل لعل كلامه مشعر بأنه يعلمه ، لكنه لم ير العمل عليه وإن كان مستحبا في الأصل ، لئلا يكون ذريعة لما قال ، كما فعل الصحابة رضي الله عنهم في الأضحية ، وعثمان في الإتمام في السفر.
وحكى الماوردي ما هو أغرب من هذا وإن كان هو الأصل ، فذكر أن الناس كانوا إذا صلوا في الصحن من جامع البصرة أو الطرقة ورفعوا من السجود مسحوا جباههم من التراب ، لأنه كان مفروشا بالتراب ، فأمر زياد بإلقاء الحصى في صحن المسجد ، وقال : لست