أما أولا : فإنه في مقابلة النص ، وهو ما أشار إليه مالك في مسألة العتبية ، فذلك من باب فساد الاعتبار.
وأما ثانيا : فإنه قياس على نص لم يثبت بعد من طريق مرضيّ ، وهذا ليس كذلك.
وأما ثالثا : فإن كلام عمر بن عبد العزيز فرع اجتهادي جاء عن رجل مجتهد يمكن أن يخطئ فيه كما يمكن أن يصيب ، وإنما حقيقة الأصل أن يأتي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أو عن أهل الإجماع ، وهذا ليس عن واحد منهما.
وأما رابعا : فإنه قياس بغير معنى جامع أو بمعنى جامع غير طردي ، ولكن الكلام فيه سيأتي ـ إن شاء الله ـ في الفرق بين المصالح المرسلة والبدع.
وقوله : إن السلف عملوا بما لم يعمل به من قبلهم حاش لله أن يكونوا ممن يدخل تحت هذه الترجمة.
وقوله : مما هو خير أما بالنسبة إلى السلف فما عملوا خير ، وأما فرعه المقيس فكونه خيرا دعوى ، لأن كون الشيء خيرا أو شرّا لا يثبت إلا بالشرع ، أو لأن الدعاء على تلك الهيئة خير شرعا.
وأما قياسه على قوله : تحدث للناس أقضية فمما تقدم يعلم بطلانه وفيه أمر آخر ، وهو التصريح بأن إحداث العبادات جائز قياسا على قول عمر ، وإنما كلام عمر بعد تسليم القياس عليه في معنى عادي يختلف فيه مناط الحكم الثابت فيما تقدم ، كتضمين الصناع ، أو الظنة في توجيه الأيمان ، دون مجرد الدعاوى ، فيقول :
إن الأولين توجهت عليهم بعض الأحكام لصحة الأمانة والديانة والفضيلة ، فلما حدثت أضدادها اختلف المناط فوجب اختلاف الحكم ، وهو حكم رادع أهل الباطل عن باطلهم ، فأثر هذا المعنى ظاهر مناسب بخلاف ما نحن فيه ، فإنه على الضد من ذلك ، ألا ترى أن الناس إذا وقع فيهم الفتور عن الفرائض فضلا عن النوافل ـ وهي ما هي من القلة والسهولة ـ فما ظنك بهم إذا زيد عليهم أشياء أخرى يرغبون فيها ، ويحضون على استعمالها ، فلا شك أن الوظائف تتكاثر حتى يؤدي إلى أعظم من الكسل الأول ، وإلى ترك