جعفر (ع) انّه قال : لمّا نزلت هذه الآية (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً) جمعهم رسول الله (ص) ثمّ قال : يا معشر الأنصار والمهاجرين انّ الله تعالى يقول : (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ) والمنسك هو الامام ، ولكلّ أمّة نبيّها حتّى يدركه نبىّ الا وانّ لزوم الامام وطاعته هو الدّين وهو المنسك ، وعلىّ بن ابى طالب (ع) إمامكم بعدي فانّى أدعوكم الى هداه فانّه على هدى مستقيم فقام القوم يتعجّبون من ذلك ويقولون واذن لننازعنّ ولا نرضى طاعته أبدا وكان رسول الله (ص) يضيق به فأنزل الله عزوجل (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ) (الى آخر الآيات) وعلى هذا فليفسّر الآيات هكذا لكلّ أمّة جعلنا إماما هم مقتدون به وجعلنا لامّتك عليّا (ع) إماما يقتدون به فلا ينازعنّك في امر إمامته وادع الى ربّك في الولاية انّك لعلى هدى مستقيم في ولاية علىّ (ع) واستخلافه وان جادلوك في ولاية علىّ (ع) فلا تجادل معهم وقل : الله اعلم بما تعملون بعدي في حقّ علىّ (ع) الله يحكم بينكم اى بين علىّ (ع) واتباعه وبينكم فيما كنتم فيه من امر الولاية تختلفون ، ويعبدون بعد وفاتك عبادة طاعة من دون اذن الله تعالى خليفة لم ينزّل الله على خلافته حجّة أو لم يجعل في وجوده سلطنة على غيره (وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ) اى خليفة ليس لهم به من جهة خلافته ومطاعيّته (عِلْمٌ) يعنى انّ المطاع لا بدّ وان يكون مأذونا من الله وان يحصل للمطيع علم بكونه مأذونا من الله فمن أطاع مطاعا علم انّه لم يكن مأذونا من الله أو مطاعا لم يعلم انّه مأذون أو غير مأذون كان مشركا وظالما ، لانّه وضع طاعته الّتى هي أعظم الحقوق في غير موضعها الّذى هو من لم يكن مأذونا من الله أو لم يعلم مأذونيّته ومنعها عن ذيحقّه الّذى هو الامام المأذون من الله (وَما لِلظَّالِمِينَ) الّذين وضعوا طاعتهم غير موضعها (مِنْ نَصِيرٍ) في امر الآخرة فانّ النّصير هو الامام أو من نصبه الامام للنّصرة (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا) في ولاية علىّ (ع) (بَيِّناتٍ) واضحات أو موضحات لولايته (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا) بولايته (الْمُنْكَرَ) المنكر من كلّ شيء ما لا يرضاه العقل أو العرف (يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا) لشدّة غيظهم (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ) الخبر الشّديد المورث لغيظكم (النَّارُ) قرئ بالرّفع خبرا لمحذوف أو مبتدء خبر ما بعده ، وقرئ بالنّصب على الاختصاص وبالجرّ بدلا من شرّ (وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) نسب الى الكاظم (ع) انّه قال في قول الله تعالى : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا) (الآية) كان القوم إذا نزلت في أمير المؤمنين (ع) آية في كتاب الله فيها فرض طاعته أو فضيلة فيه أو في اهله سخطوا ذلك وكرهوا حتّى همّوا به وأرادوا به وأرادوا برسول الله (ص) أيضا ليلة العقبة غيظا وخنقا وغضبا وحسدا حتّى نزلت هذه الآية يعنى الآية السّابقة (يا أَيُّهَا النَّاسُ) بعد ما أوعد الكفّار بولاية علىّ (ع) نادى النّاس عموما فقال (ضُرِبَ مَثَلٌ) لبيان حالهم وحال علىّ (ع) (فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) بالتّعاون مثل حال منافقي الامّة بحال الأصنام الّتى لا تقدر على احقر ما يكون (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ) الّذى هو مثل علىّ (ع) في ضعف حاله وفي كونه كرّارا غير فرّار كلّما ذبّ آب (شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ) الّذى يدعو مثل هذا المدعوّ الّذى لا يقدر على شيء حقير (وَالْمَطْلُوبُ) الّذى لا يقدر على خلق احقر ولا دفعه عن نفسه (ما قَدَرُوا اللهَ) حال أو مستأنف جواب لسؤال مقدّر والمقصود بقرينة المقابلة ما قدروا عليّا (ع) (حَقَّ قَدْرِهِ) حيث عدلوا به مثال الأصنام الّتى