بمشاكله قوله : من عاقب (ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ) اى على من عاقب مكافاة أو على من ظلم ابتداء فانّه وان لم يذكر صريحا لكنّه مذكور بالالتزام (لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ) اى لينصرنّ الله المعاقب أو الظّالم ابتداء (إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) جواب لسؤال مقدّر في مقام التّعليل يعنى ينصر الله المعاقب المقتصّ الّذى بغى عليه لانّه عفوّ لزلاته اللّازمة له من اتّباعه الهوى في الاقتصاص حيث كان المرضىّ منه العفو أو ينصر الظّالم بعد البغي عليه لانّه يعفو عن ظلمه بعد ما عوقب بمثل ظلمه (ذلِكَ) يعنى الاذن في القصاص والنّصر للمقتصّ ان بغى عليه أو للظّالم بعد الاقتصاص منه ان بغى عليه «ب» سبب (بِأَنَّ اللهَ) لا غيره (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ) اى يدخل ليل الاقتصاص مكان نهار العفو ، أو ليل الظّلم مكان نهار العدل ، أو ينقص من ليل الرّذائل ويزيد في نهار الخصائل (وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) ويدخل أو ينقص من نهار الخصائل ويزيد في ليل الرّذائل فاقتصاص المقتصّ وظلم الظّالم كلاهما كانا بتسخير الله وامره التّكوينىّ فان فعل بأحدهما زائدا على قدر التّرخيص يعاقب بنصر من بغى عليه وقد مضى في سورة آل عمران تفصيل للّيل والنّهار في نظير الآية (وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ) لما يقوله الباغي والمقتصّ والمقتصّ منه (بَصِيرٌ) بما يفعله (ذلِكَ) الإيلاج والسّمع والبصر (بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ) الكامل في الحقّيّة بحيث لا يشوبه باطل (وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) من الاهوية والآمال الدّاعية للأصنام والأصنام والكواكب والعناصر وخصوصا رؤساء الضّلالة (هُوَ الْباطِلُ) الكامل في البطلان بحيث لا يشوبه حقّ ، والحقّ الّذى لا يشوبه بطلان لا يعزب عن حيطة وجوده وعلمه وقدرته شيء من الأشياء فيبصر كلّ المبصرات ويسمع كلّ المسموعات ويقدر على كلّ المقدورات (وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُ) الّذى يعلو كلّ شيء ويحيط به فيعلمه ويقدر على التّصرّف فيه بأىّ نحو شاء (الْكَبِيرُ) الّذى كلّ كبير حقير عنده ومطيع ومنقاد لأمره (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) تقرير لعلوّه وكبره واحاطة علمه وسمعه وبصره (فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) لا يخفى تعميم الماء والسّماء والأرض واخضراره بين الصّوريّة والمعنويّة في الكبير والصّغير (إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ) في ذاته فلا يدركه مدرك لطيف في صفاته لطيف في فعاله فلا يدرك دقائق صنعه والغايات المترتّبة عليه والحكم المودعة فيه الّا هو (خَبِيرٌ) يعلم بخبرته دقائق كلّ موجود ومصالح كلّ مصنوع (لَهُ) بدوا ورجوعا وملكا (ما فِي السَّماواتِ) يعنى السّماوات وما فيها كما سبق مكرّرا انّه إذا قيل لزيد : ما في الصّندوق؟ ـ يقصد الصّندوق وما فيها خصوصا إذا كان ما في الصّندوق نفيسا (وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) بذاته من غير حاجة له الى ما في السّماوات وما في الأرض في ذاته أو في محموديّته (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ) تقرير لمالكيّته ومبدئيّته وغنائه عمّا في الأرض وانّ إيجاد ما في الأرض وتسخيره للإنسان والخطاب لمحمّد (ص) أو لكلّ من يتأتّى منه الخطاب (وَالْفُلْكَ) قرئ بالنّصب عطفا على ما في الأرض أو على اسم انّ ، وبالرّفع مبتدءا (تَجْرِي) مستأنف أو حال أو خبر (فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ) التّكوينىّ فانّ طفوّ الأخشاب وخرقها للماء وتحريك الرّياح أو البخار لها كلّها بأمره التّكوينىّ (وَيُمْسِكُ السَّماءَ) من الأفلاك والكواكب والسّحاب وامطارها كلّها في أحيازها ومراكزها (أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ) اى من الوقوع عليها (إِلَّا بِإِذْنِهِ) يعنى إذا اذن الله في وقوعها على الأرض تقع عليها فلا بدّ من تعميم السّماء والأرض حتّى يصحّ هذا بان يقال : انّ الله يمسك السّماء من الأفلاك