الخمس وغيرها (وَمَساجِدُ) يعنى لو لا دفع الله النّاس بالوجوه السّابقة في سورة البقرة لفسدت الأرض وهدّم ما كان يعبد فيه في زمان كلّ نبىّ (يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً) وصف للمجموع أو للمساجد خاصّة كأنّ غيرها لا يذكر فيها اسمه تعالى لأجل كون الشّرائع السّالفة منسوخة (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ) عطف على قوله تعالى : (لَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ) فانّه في معنى وليد فعن الله ، ونصرة العباد لله لا يكون الّا بنصرة خلفائه في العالم الكبير بطاعتهم والاقتداء بهم وتعظيمهم وتعظيم شرائعهم والّا بنصرة خلفائه تعالى في العالم الصّغير من الملك الزّاجر والعقل النّاهى والآمر واللّطيفة الانسانيّة الّتى هي خليفة الله في الأرض حقيقة ، ونصرة الله تعالى للعباد بالتّوسعة في قلوبهم والتّوفيق لطاعاته وتهيّة أسباب الظّفر على أعدائه وعلى أعدائهم الظّاهرة والباطنة ، ولمّا كان افعال العباد واوصافهم فعل الله الظّاهر في مظاهر العباد كان نصرة العباد لله هي بعينها نصرة الله للعباد وجالبة لنصرة اخرى من الله كما انّ خذلان العباد للطّيفة الانسانيّة بعينه خذلان من الله للعباد وجالب لخذلان آخر (إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌ) في مقام التّعليل لنصرة يعنى انّه قادر غير ضعيف عن النّصر (عَزِيزٌ) غالب لا مانع له من نفاذ امره (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ) صفة أو بدل من الّذين آمنوا أو من الّذين يقاتلون ، أو من الّذين اخرجوا ، أو ممّن ينصره ، أو خبر للّذين اخرجوا ، أو خبر مبتدء محذوف ، أو مبتدء خبر محذوف ، أو مفعول فعل محذوف والمراد بالتّمكين في الأرض الأقدار على التّصرّف فيها باىّ نحو شاؤوا (أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ) قد مضى في اوّل البقرة تحقيق تامّ للصّلوة وإقامتها وللزّكوة وايتائها (وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ) قد أسلفنا في سورة البقرة عند قوله تعالى (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ) بيانا وافيا للأمر بالمعروف والنّهى عن المنكر ، ولمّا كان معاملة العبد الكامل بينه وبين الله مقصورا على الصّلوة والزّكاة كما أسلفنا هناك ، ومعاملته بينه وبين العباد محصورا على الأمر بالمعروف والنّهى عن المنكر إذا عمّم الأمر والنّهى للقولىّ والفعلىّ بالصّراحة أو الالتزام حتّى يشملا الإحسانات والتّحيّات والنّصيحات أتى في مديحتهم بهاتين الصّفتين ولم يتجاوز عن الصّنفين (وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) جملة حاليّة ومديحة اخرى ، ولام الأمور عوض عن المضاف اليه والمعنى أقاموا الصّلوة في حال كون أمورهم المذكورة أو مطلق أمورهم لله ليس فيها شوب قصد للنّفس غير الله ، أو هي عطف أو حال ، ووعد للمحسن ووعيد للمسيء من غير نظر الى المؤمنين أو غيرهم (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ) عطف على مقدّر تقديره فان يصدّقوك فهو المطلوب وان يكذّبوك فلا تحزن فانّ التّكذيب شيمة الإنسان ما لم يخرج من انانيّته (فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ) أمهلتهم وأطلت عمرهم (ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) اى إنكاري عليهم ما فعلوا وتبديلى نعمتهم بالنّقمة ، أو كيف كان نقلي ايّاهم من حال تسرّهم الى حال تسوءهم (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ) خالية مشتملة (عَلى عُرُوشِها) اى سقوفها أو قصورها أو اسرّتها ، أو ساقطة خربة على عروشها يعنى خربة جدرانها على سقوفها ، أو أبنيتها الدّانية على قصورها العالية ، أو ساقطة على سرر سلاطينها (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ) عطف على قرية اى كأيّن من بئر معطّلة أهلكنا أهلها (وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) أهلكناها وقد فسّر البئر المعطّلة بالعالم الّذى لا يرجع اليه ، والقصر المشيد بالعالم الّذى يرجع اليه أو الجاهل الّذى يتشبّه بأهل العلم فيرجع اليه ، وفسّر بالإمام الصّامت والامام النّاطق ، وبالإمام الغائب والامام الظّاهر ، وبفاطمة (ع) وولدها (ع) المعطّلين عن ملكهم