لن ينال الله (لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ) وقيل : كانوا في الجاهليّة إذا ذبحوا استقبلوا الكعبة بالدّماء فلطّخوا حول البيت بها قربة الى الله (كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ) كرّر هذه الكلمة تأكيدا ومقدّمة لغاية اخرى هي قوله (لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) الى تسخيرها ، أو الى مناسك بيته ، أو الى معالم دينه ، أو الى ذبح القوى البهيميّة من النّفس ، أو الى ولىّ أمركم (وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) عطف على مقدّر أو باعتبار المعنى كأنّه قيل : فكبّر الله وبشّر المحسنين في أعمالهم ، أو العاملين كأنّهم يرون الله أو المحسنين الى خلق الله ، أو الّذين شيمتهم الإحسان ، أو المؤمنين بالايمان الخاصّ الحاصل بالبيعة الولويّة فانّ أصل الإحسان هو الولاية الّتى هي البيعة الخاصّة الولويّة الّتى يعبّر عنها بالايمان (إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) جواب لسؤال مقدّر واقع موقع التّعليل للتّبشير والتّنزيل انّه يدافع الكفّار الّذين يقاتلونهم والمقصود التّعميم لدفعه تعالى الكفّار والبلايا ومكر الماكرين وأذى الموذين وجنود الجهل من الجنّة والشّياطين عن المؤمنين ، وفي لفظ يدافع اشعار بانّ الكفّار والبلايا والموذين وجنود الشّياطين يتهجّمون على المؤمنين ولكنّ الله يدافعهم عنهم (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) يعنى يبغضهم ، هذا أيضا في مقام التّعليل كأنّه قال : انّ الله يحبّ المؤمنين ويبغض الكافرين والماكرين وجنود الشّياطين لكنّه أتى بلفظ الخوّان الكفور اشعارا بانّ من يهجم على المؤمنين فهو خوّان كفور كائنا من كان (أُذِنَ) جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : إذا كان الله يدافع عن المؤمنين فلا ينبغي للمؤمنين ان يقاتلوا ، فقال تعالى : اذن (لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ) من المؤمنين ، قرئ اذن مبنيّا للمفعول ومبنيّا للفاعل وعلى كلّ من القراءتين قرئ يقاتلون مبنيّا للمفعول ومبنيّا للفاعل (بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) ذكر في نزول الآية انّه كان المشركون يؤذون المسلمين لا يزال يجيء مشجوج ومضروب الى رسول الله (ص) ويشكون ذلك الى رسول الله (ص) فيقول لهم : اصبروا فانّى لم اومر بالقتال حتّى هاجر فأنزل الله عليه هذه الآية وهي اوّل آية نزلت في القتال (وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) جملة حاليّة أو معطوفة على الفعليّة أو على انّ الله لا يحبّ كلّ خوّان كفور (الَّذِينَ أُخْرِجُوا) بدل أو صفة للّذين يقاتلون أو للّذين آمنوا ، أو مبتدء خبره الّذين ان مكنّاهم أو خبر مبتدء محذوف أو مبتدء خبر محذوف ، أو مفعول فعل محذوف (مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ) من قبيل استثناء المديحة من الذّمائم المنفيّة للمبالغة في المدح والمراد بمن اخرجوا في الكبير المؤمنون حيث أخرجوا الى الحبشة اوّلا ثمّ الى المدينة ثانيا وتجري الآية في الائمّة كالحسين (ع) وأصحابه كما في الاخبار وفى المؤمنين بشرائط الجهاد والدّفاع المقرّرة في الكتب الفقهيّة (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) قرئ دفع الله من الثّلاثىّ المجرّد ودفاع الله من المفاعلة والجملة حاليّة أو معطوفة وفيها معنى التّعليل لقوله اذن للّذين يقاتلون وقد سبق في آخر سورة البقرة بيان وجوه هذه الآية عند قوله تعالى : (لَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ) معابد النّصارى لرهبانهم قدّمها على سائر المعابد في الذّكر لكونها حقّة الى زمان الرّسول (ص) ولشيوعها في ذلك الزّمان ولاختصاصها بمن لم يكن له شغل سوى العبادة (وَبِيَعٌ) معابدهم المشتركة (وَصَلَواتٌ) معابد اليهود أصلها ثلوتا بالعبريّة فعرّب وجعل صلوة وجمع على الصّلوات ، وقيل : الصّوامع معابد النّصارى في الجبال والبراري ، والبيع معابدهم في القرى ، والصّلوات معابد اليهود لكونها يصلّى فيها ، وقيل : الصّوامع معابد النّصارى ، والبيع معابد اليهود ، والصّلوات أيضا معابد اليهود ، وقيل : المراد بالصّلوات صلوات شريعة محمّد (ص) من الصّلوات