لقى امامه بملكه أو ملكوته ينسلخ من تعلّقاته ، وفي الاخبار اشارة ما الى كلّ (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) الّتى نذروها في ايّام الحجّ أو قبل الحجّ للحجّ ، أو قبل الحجّ مطلقا ، أو المراد بالنّذور الكفّارات الّتى تلزم مرتكبي المنهيّات في ايّام الحجّ أو المراد مطلق الكفّارات ، أو المراد المناسك فانّها كالنّذور تلزم الإنسان بعد الشّروع بوجه (وَلْيَطَّوَّفُوا) اى ليبالغوا في طواف البيت أو ليكثروا الطّواف بالبيت بعد ما تطهّروا بحسب الظّاهر من الشّعث اللّازم للإحرام وحلقوا وأزالوا الوسخ الظّاهر والوسخ الباطن من الكفّارات والتّعلّقات بلقاء الامام بملكه وبلقائه بملكوته فانّ لقاء الامام بملكوته وهو المعرفة بالنّورانيّة باب الوصول الى القلب الّذى هو بيت الله فليطّوّفوا (بِالْبَيْتِ) الظّاهر والباطن ولا يدخلوا الّا بعد الطّواف به الطّواف الواجب (الْعَتِيقِ) القديم فانّه اوّل بيت وضع للنّاس بظاهره كما في الاخبار انّه نزل من الجنّة لآدم (ع) ، وبباطنه فانّ القلب الصّنوبرىّ في ملك البدن العنصرىّ اوّل بيت وضع للنّاس في العالم الصّغير ، والقلب الرّوحانىّ كذلك ، أو العتيق من الغرق والعتيق من الكثرات وتعلّقاتها ، أو العتيق من تسلّط الجبابرة عليه في الصّغير والكبير (ذلِكَ) خبر مبتدء محذوف أو مبتدء خبر محذوف اى الأمر ذلك أو ذلك كذلك أو مفعول فعل محذوف اى خذ ذلك (وَمَنْ يُعَظِّمْ) عطف أو حال (حُرُماتِ اللهِ) جمع الحرمة أو الحرم بالضّمّ والسّكون أو الحرم بالضّمّتين الّذى هو جمع الحرام ، أو الحرم بكسر الحاء أو الحرمات جمع الحرمة بضمّتين ، أو الحرمة كالهمزة ، وحرمات الله ما يحرم انتهاكه من امر ونهى ومكان وزمان وغيرها كالحرمين والأشهر الحرم والايّام المتبركة والشّرائع الالهيّة والكتب السّماويّة والاخبار النّبويّة والولويّة والبيعة النّبويّة والولويّة ، والمشاهد المشرّفة والمؤمن ونفس الايمان وخلفاء الله من الأنبياء وأوصيائهم (ع) ، وما ورد وقيل من اختصاصها هاهنا بمناسك الحجّ أو البيت الحرام والبلد الحرام والشّهر الحرام بقرينة ذكرها في ذيل آية الحجّ انّما هو بيان للمنظور وتخصيص له والّا فمفهومها عامّ وبعمومه ورد ، لكنّ المقصود المنظور في ذلك المقام هو هذه المذكورات (فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ) اى فالتّعظيم خير له من ترك التّعظيم لا من هتك الحرمة فانّه شرّ له أو الخير منسلخ عن معنى التّفضيل (عِنْدَ رَبِّهِ) لانّ تعظيم الحرمات قلّما ينفكّ في الدّنيا عن تلف الأموال أو تعب الأنفس (وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ) اى الأزواج الثّمانية (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) اى تحريمه من الميتة وما اهلّ لغير الله به والمنخنقة (الى آخر الآية) ومن البحيرة والسّائبة (الى آخر الآية) (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ) الرّجس بكسر الرّاء وسكون الجيم وبالتّحريك وبفتح الرّاء وكسر الجيم القذر والمأثم وكلّ ما استقذر من العمل ، والعمل المؤدّى الى العذاب والشّكّ والعقاب والغضب ويصحّ التّفسير بكلّ ، ويكون معنى من في قوله تعالى (مِنَ الْأَوْثانِ) في كلّ مناسبا له ، وفسّر الرّجس من الأوثان في الخبر بالشّطرنج (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) تكرار الأمر بالاجتناب للاشعار بانّ كلًّا مأمور باجتنابه على حياله ، والزّور بالضّمّ الكذب والشّرك بالله ومجلس الغناء ونفس الغناء وما يعبد من دون الله وقد فسّر الآية بشهادة الزّور وبمطلق القول الكذب وبما كان المشركون يقولونه في تلبيتهم من قولهم لبّيك لا شريك لك الّا شريكا هو لك تملكه وما ملك وبالغناء وسائر الأقوال الملهية ، وفي الاخبار تصريح ببعضها والحقّ انّه لا اختصاص للوثن بالصّنم المصنوع بل كلّما ينظر اليه ويتعلّق القلب به فهو وثن للنّفس بل كلّ هوى واقتضاء من النّفس وكلّ رأى وانانيّة منها صنمها ، ولا اختصاص للقول المسبّب أو السّبب للزّور والانحراف عن الحقّ بالغناء وشهادة الزّور بل افعال القوى النباتيّة والحيوانيّة والانسانيّة وآثار الأعضاء البدنيّة وادراك المدارك الظّاهرة والباطنة والأحوال والأخلاق النّفسانيّة