أو تعيينه له كان عنوانا لايوائه الى القلب وتعيين محلّ القلب له لينجذب اليه ويخلص التّوحيد له ولذلك قال تعالى (أَنْ لا تُشْرِكْ) ان تفسيريّة لكون بوّأنا في معنى القول أو مصدريّة بتقدير اللّام (بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ) الظّاهر والباطن من الأصنام الظّاهرة والباطنة ومن النّجاسات الظّاهرة ولوث الرّذائل الباطنة (لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ) الدّاعين لله في القيام وبالقيام عنده أو القائمين بأمور العباد الكافين لهم (وَالرُّكَّعِ) الخاضعين لله أو المنحنين لمرمّة معاشهم والمكبّين على وجوههم غير مرتفعين رؤسهم ، أو المفتقرين المحتاجين بحسب الدّنيا أو الآخرة (السُّجُودِ) المتواضعين غاية التّواضع أو المبتلين بمرمّة معاشهم بحيث لا يمكنهم الخلاص منها في الكبير أو الصّغير (وَأَذِّنْ) بالغ في الاعلام (فِي النَّاسِ) لم يقل اذّن النّاس للاشعار بانّ أعلامه لم يكن للجميع بل لمن شاء الله ان يسمعه نداء إبراهيم فانّه روى انّ إبراهيم (ع) صعد أبا قبيس فقال : يا ايّها النّاس حجّوا بيت ربّكم فأسمعه الله من في أصلاب الرّجال وأرحام النّساء فيما بين المشرق والمغرب ممّن سبق في علمه ان يحجّ وليس المراد من كان في زمانه في أصلاب الرّجال وأرحام النّساء بل من كان يقع في أصلاب الرّجال وأرحام النّساء الى يوم القيامة وذلك انّ إبراهيم (ع) نادى بلسانه الملكوتىّ وندائه الملكوتىّ وسمع من سمع باذنه الملكوتىّ وكلّ النّاس كانوا قبل هذا العالم في العوالم العالية من العوالم الملكوتيّة والجبروتيّة من النّفوس والعقول ، فمن سمع في تلك العوالم بتلك الآذان أجاب ، ومن لم يسمع وكان اصمّ من ذلك النّداء في تلك العوالم لم يجب ولم يحجّ في هذا العالم ، وعلى هذا جاز تفسير أصلاب الرّجال وأرحام النّساء بالعوالم العالية من العقول والنّفوس وان يكون وجودهم في الأصلاب والأرحام كناية عن وجودهم الاجمالىّ في العقول والنّفوس من دون تفصيل وتمييز ، وروى انّه لمّا امر إبراهيم وإسماعيل ببناء البيت وتمّ بناؤه قعد إبراهيم (ع) على ركن ثمّ نادى : هلمّ الحجّ فلو نادى هلمّوا الى الحجّ لم يحجّ الّا من كان يومئذ انسيّا مخلوقا ولكن نادى هلمّ هلمّ الحجّ الحجّ فلبّى النّاس في أصلاب الرّجال لبّيك داعي الله لبّيك داعي الله ، فمن لبّى عشرا حجّ عشرا ، ومن لبّى خمسا حجّ خمسا ، ومن لبّى أكثر فبعدد ذلك ، ومن لبّى واحدة حجّ واحدة ، ومن لم يلبّ لم يحجّ ، وفي خبر فأسمع من في أصلاب الرّجال وأرحام النّساء الى ان تقوم السّاعة ، وورد في الخبر انّ الخطاب في قوله تعالى اذّن في النّاس لمحمّد (ص) فعن الصّادق (ع) انّ رسول الله اقام بالمدينة عشر سنين لم يحجّ ثمّ انزل الله تعالى (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ) (الآية) فأمر المؤذّنين ان يؤذّنوا بأعلى أصواتهم بانّ رسول الله (ص) يحجّ في عامه هذا ، فعلم به من حضر بالمدينة وأهل العوالي والاعراب واجتمعوا لحجّ رسول الله وانّما كانوا تابعين ينظرون ما يؤمرون به فيتّبعونه أو يصنع شيئا فيصنعونه (بِالْحَجِ) اى بقصد البيت للمناسك المخصوصة (يَأْتُوكَ) لم يقل يأتوا البيت للاشارة الى انّ المقصود من تشريع الحجّ زيارة القلب وصاحبه لا زيارة البيت واحجاره كما انّ في قوله واجعل افئدة من النّاس تهوى إليهم اشارة الى ذلك ، والى هذا أشار الباقر (ع) حين رأى النّاس يطوفون حول الكعبة بقوله : هكذا كانوا يطوفون في الجاهليّة انّما أمروا ان يطوفوا ثمّ ينفروا إلينا فيعلمونا ولايتنا ومودّتهم ويعرضوا علينا نصرتهم (رِجالاً) اى مشاة قرئ بكسر الرّاء وتخفيف الجيم وضمّها وتخفيف الجيم وتشديده وكسكارى (وَ) محمولين بأنفسهم أو أحمالهم (عَلى كُلِّ ضامِرٍ) لمّا كان ما حول مكّة برار بعيدة خالية من الماء والعشب وكان كلّ فرس أو جمل أو استر أو حمار يأتى الى مكّة يضمر ويلصق بطنه بظهره