من تحت عماراتها أو أشجارها أو قطعها أو المراد بالأنهار الأنهار المعنويّة تجري من كلّ مرتبة على ما دونها من مراتب الجنان الى عالم الطّبع (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً) قرئ بالنّصب وبالجرّ (وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) يعنى ارشدهم الله الى الأقوال الّتى يطيب بها نفوسهم من الاذكار والتّحيّات والأفكار والتّخيّلات وهو مثل جملة لباسهم فيها حرير عطف على تجري ، أو يحلّون ان لم يكن جملة يحلّون صفة بعد صفة ، أو هما مع جملة يحلّون أحوال مترادفة أو متداخلة ، وإذا كان معناه يهدون فيها الى الطّيّب من القول فالإتيان بالماضي لتحقّق وقوعه ، وان كان معناه هدوا في الدّنيا فهو على معناه (وَهُدُوا إِلى صِراطِ) الله (الْحَمِيدِ) أتى بعنوان الحميد للاشارة الى انّ المؤمن العامل بالصّالحات لاستكماله في أوصافه الحميدة وجنوده الكثيرة يهدى الى الله من حيث محموديّته بخلاف المجذوب الغير العامل فانّه يهدى اليه من حيث سبّوحيّته وقدّوسيّته ولذلك قال تعالى خطابا لنبيّه (ص) (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي) يعنى فاستنّوا بسنّتى واعملوا بعملي تصيروا مثل الله متّصفين بالصّفات الحميدة ويحببكم الله حينئذ لاتّصافكم بصفاته وكان المشايخ الحقّة من السّلف والخلف يأمرون السّلّاك بحفظ النّواميس الشّرعيّة والعمل بجميع الفرائض والسّنن الواردة في الشّريعة فلا يصغي الى ما قالته المتصوّفة من القلندريّة الاباحيّة انّ الشّريعة حجاب ، وانّ العارف لا حاجة له الى العمل ، وانّ الواصل إذا عمل كان العمل منه قبيحا (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) منقطع لفظا ومعنى عن سابقه ، أو جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : قد عرفنا حال الكافر المطلق والمؤمن فما حال الكافر الصّادّ عن سبيل الله؟ ـ فقال : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ) أتى بالمضارع اشعارا بانّ الكفر امر وحدانىّ ثابت بخلاف الصّدّ فانّه امر متجدّد الحصول ، وللاشارة الى انّ الكافر يصير شيمته الصّدّ على سبيل الاستمرار التّجدّدى (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) هو سبيل القلب الّذى تكوينيّه ولاية تكوينيّة وتكليفيّة ولاية تكليفيّة ولا سبيل لله سواه ، وكلّما عدّ سبيل الله أو فسّر سبيل الله به فهو سبيل الله لكونه سبيلا الى سبيل القلب (وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) الصّورىّ أو المعنوىّ وهو القلب (الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً) مفعول ثان لجعلنا أو حال وقوله (الْعاكِفُ فِيهِ) مرفوعه سواء جعل سواء وصفا أو مصدرا في معنى الوصف وقد مضى وجه كون الكعبة موضوعا لانتفاع النّاس في آل عمران ، وقرئ سواء بالرّفع فيكون خبرا مقدّما أو مبتدء مكتفيا بمرفوعه عن الخبر (وَالْبادِ) بإسقاط الياء في الوقف واجرائه حال الوصل على الوقف والمراد بالبادى مطلق المسافر يعنى الخارج الى البادية سواء سكن البادية أم لا ، والمراد بالمسجد الحرام الحرم وما حواه أو مكّة أو المسجد نفسه وفي أخبارنا تصريحات بانّ المراد مكّة ودورها لا يجوز أخذ الأجر عليها ولا يجوز ان يجعل عليها أبواب وانّ اوّل من جعل على داره مصراعين معاوية وانّه صاحب السّلسلة الّتى قال الله تعالى : (فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً) ، وكان الطّارين إذا قدموا نزلوا على الحاضرين في دورهم ، وقرئ العاكف بالجرّ بدلا من النّاس وحذف خبر انّ اتّكالا على جزاء ما يأتى من قوله (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ) اى من يرد في المسجد أو في سبيل الله شيئا حذف المفعول لارادة التّعميم (بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ) بدل من قوله بإلحاد أو صلة للالحاد أو هما حالان متداخلان أو مترادفان ، أو بإلحاد صلة يرد وبظلم حال ، وقرئ يرد بفتح الياء من ورد (نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ وَإِذْ بَوَّأْنا) واذكر أو ذكّر قومك إذ بوّأنا (لِإِبْراهِيمَ) اى عيّنّا على ما ورد انّ الله أرسل ريحا فكنس مكان البيت فظهر اسّ البيت الّذى نزل لآدم (ع) من الجنّة فبنى إبراهيم (ع) البيت على ذلك أو لام لإبراهيم زائدة (مَكانَ الْبَيْتِ) اى بيت الكعبة ولمّا كان الظّاهر عنوان الباطن فايواء إبراهيم (ع) مكان البيت