ويعمل الصّالحات لكنّه عدل الى هذه العبارة لافادة هذا المعنى وجزائهم بعبارة واحدة ولتشريفهم بالابتداء بجزائهم وبعدم جعلهم قرينا ومقابلا لغيرهم من الأصناف الماضية كأنّهم أشرف من ان يذكروا مقابلين لهم والمراد بالايمان الايمان العامّ الّذى هو بمعنى الإسلام الّذى لا يحصل الّا بالبيعة العامّة النّبويّة وقبول الدّعوة الظّاهرة فيكون العمل الصّالح اشارة الى البيعة الخاصّة الولويّة وقبول الدّعوة الباطنة والايمان الخاصّ الّذى لا يحصل الّا بالبيعة الخاصّة ، أو المراد به الايمان الخاصّ فيكون العمل الصّالح اشارة الى العمل بما أخذ عليه في بيعته فانّ الله يدخل الّذين آمنوا بالبيعة على يد علىّ (ع) ودخول الايمان في قلبه وامتيازه عن غيره بحصول فعليّة الولاية في وجوده (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) قد مرّ مرارا بيان كيفيّة جريان الأنهار من تحت الجنّات (إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) لا مانع له من مراده وقد مرّ هذه الآية مع تفصيل تامّ في بيانها عند قوله تعالى : (وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) من سورة البقرة (مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) اى من كان من النّاس يظنّ ان لن ينصره الله فيغيظه ذلك أو من يطرؤ عليه ما يغيظه فيظنّ ان لن ينصره الله (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ) اى بحبل (إِلَى السَّماءِ) سماء بيته ليخنق نفسه (ثُمَّ لْيَقْطَعْ) نفسه بالاختناق (فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ) في اختناق نفسه (ما يَغِيظُ) اى ما يغيظه أو فليمدد بسبب اى حبل الى السّماء الدّنيا فليجتهد في الوصول الى السّماء ثمّ ليقطع اى ليستعمل تميزه فلينظر هل يذهبنّ كيده وحيلته ما يغيظ ، أو من كان من المؤمنين يظنّ ان لن ينصره الله محمّدا (ص) فيغيظ لذلك فليمدد بسبب الى سماء بيته لاختناق نفسه أو السّماء الدّنيا لحيلة نصر محمّد (ص) ثمّ ليقطع نفسه أو ليميز فلينظر ، أو من كان من الكافرين أو المنافقين يظنّ ان لن ينصره الله محمّدا (ص) وكان يغيظ لظنّ نصره فليمدد بسبب الى سماء بيته لاختناق نفسه ، أو الى السّماء الدّنيا لدفع نصره فلينظر (الى آخر الآية) (وَكَذلِكَ) الانزال في بيان البعث مع البرهان الواضح على بيانه وفي بيان حال المجادل في الله بغير دليل والعابد على حرف من الدّين والمؤمن الثّابت على الدّين (أَنْزَلْناهُ) اى القرآن (آياتٍ بَيِّناتٍ) واضحات أو موضحات لحال النّاس وصفات الله وخلفائه (وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ) عطف على كذلك بتقدير اللّام أو عطف على الضّمير المفعول اى أنزلنا إليك انّ الله يهدى من يريد ، وفاعل يريد ضمير للموصول أو لله (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) اى أسلموا بالبيعة على يد محمّد (ص) فانّ الايمان صار اسما للإسلام في بدو الإسلام لكون المسلم مشرفا على الايمان (وَالَّذِينَ هادُوا) كانوا على اليهوديّة (وَالصَّابِئِينَ) الخارجين عن الدّين وهم الّذين عبدوا الكواكب ، وقيل : انّهم يزعمون انّهم على دين نوح (ع) (وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) الأصنام أو غيرها بالله (إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ) اى يميّز (بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) وان كانوا في الدّنيا متشابهين غير ممتازين وانّ الثّانية مع مدخولها خبر لانّ الاولى (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) استيناف في مقام التّعليل (أَلَمْ تَرَ) منقطع عن سابقه لفظا ومعنى أو مرتبط بسابقه جواب لسؤال مقدّر في مقام التّعليل للتّمييز بين الفرق المختلفة ولقدرته على كلّ شيء كأنّه قيل : هل يقدر على التّمييز بين النّفوس الكثيرة المتشابهة مع كثرتها وشدّة تشابهها؟ ـ فقال : يقدر على ذلك لانّك ترى كلّ النّفوس البشريّة بل كلّ الموجودات العلويّة والسّفليّة مع كثرتها وتشابهها مسخّرة له ساجدة له ، والخطاب لمحمّد (ص) وحينئذ يكون الرّؤية على معناها والاستفهام للإنكار والتّقرير على المنفىّ ، أو الخطاب لغير معيّن ويكون الاستفهام للتّوبيخ يعنى لا ينبغي لك ان لا ترى (أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ) اى يخضع