بان لا مدخليّة لشيء من الأسباب الطّبيعيّة في ارتزاق الإنسان وليس الارتزاق الّا بالأسباب الالهيّة وانّ الأسباب الطّبيعيّة حجب على الأسباب الالهيّة ونعم ما قيل :
اى گرفتار سبب بيرون مپر |
|
ليك عزل آن مسبب ظن مبر |
هر چه خواهد آن مسبّب آورد |
|
قدرت مطلق سببها بر درد |
اين سببها بر نظرها پرده هاست |
|
كه نه هر ديدار صنعش را سزاست |
ديده بايد سبب سوراخ كن |
|
تا حجب را بر كند از بيخ وبن |
تا مسبّب بيند اندر لا مكان |
|
هرزه بيند جهد وأسباب دكان |
(وَهُوَ السَّمِيعُ) لأقوالكم القاليّة والحاليّة والاستعداديّة الّتى لا شعور لكم بها (الْعَلِيمُ) بمقدار الاستعداد وقدر الاستحقاق وعمدة أسباب الرّزق هي السّماوات والأرض والشّمس والقمر (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) اى المتقيّدين بالأسباب الغافلين عن مسبّب الأسباب (مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) اللّاتى بها توليد المواليد وارتزاق المرتزقين (لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) منه الى الأسباب ولا يكتفون به من الأسباب (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ) اى لمن يبسط أو لغيره ممّن يشاء فانّ من فيمن يشاء فانّ من فيمن يشاء مطلق يجوز إرجاع الضّمير اليه من غير اعتبار التّقيّد ببسط الرّزق والجملة حاليّة أو مستأنفة وتعليل لانكار الصّرف عنه في طلب الرّزق ، أو تعليل لجملة الله يرزقها وايّاكم (إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فيعلم ما يصلح عباده من بسط الرّزق وقبضه (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها) لمّا كان الأسباب القريبة للرّزق بعد السّماوات والأرض والشّمس والقمر هو امطار الأمطار واحياء الأرض بانبات النّبات أتى به بعد السّؤال عن السّماوات والأرض وتسخير الشّمس والقمر (لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ) بعد إقرارهم بذلك (الْحَمْدُ لِلَّهِ) شكرا لانعامه عليك بتبصيرك ذلك ، أو قل لهم بعد ذلك: جميع الصّفات الّتى يحمد عليها لله فانّ جميع الخيرات المنتشرة المحسوسة الّتى لا يتجاوز مداركهم عنها محصورة في خلق السّماوات والأرض والشّمس والقمر وامطار الأمطار وإنبات النّبات فهؤلاء لا يجحدون الله وتسبيبه لاسباب الرّزق (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) فيتوسّلون بالأسباب وينصرفون عن مسبّبها لعدم تعقّلهم لا لانكارهم (وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ) الجملة حاليّة أو معطوفة باعتبار المعنى كأنّه قال : انّه هيّأ أسباب الحيوة الدّنيا الدّانية الّتى حيوة جميع إحيائها مشوبة بالممات ، ووجودها مشوب بالاعدام ، وجدّها لهو أو لعب ولم يتركها بدون تهيّة أسباب الوجود والبقاء والتّعيّش باعتراف المقرّ والمنكر فكيف بالحيوة الآخرة الّتى حيوة جميع اجزائها عين ذواتهم ، ووجودها خالص من شوب النّقص ولذّاتها مبرّأة من شوب الألم فانّ الحيوة الدّنيا حيوة بالعرض (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ) بجميع اجزائها (لَهِيَ الْحَيَوانُ) محصورا فيها الحيوة أو المعنى انّهم مهتّمون بأمر الحيوة الدّنيا الّتى يرون انّها كلعب الأطفال غير باقية وغير مترتّب عليها فائدة وانّ الدّار الآخرة لهي الحيوان (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) لامتنعوا من الاهتمام بأمر الحيوة الدّنيا ولكانوا مهتمّين بأمر الحيوة الآخرة أو لفظ لو للتّمنّى وقد مضى الفرق بين اللهو واللّعب وانّ الاوّل ما لا يكون له غاية لا عقلانيّة ولا خياليّة ، والثّانى ما لا يكون له غاية عقلانيّة ويكون له غاية خياليّة وان كان الاوّل أيضا لا يخلو عن غاية خفيّة (فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ) عطف باعتبار المعنى كأنّه قال إذا كانوا في البرّ مطمئنّين كانوا غافلين عن الله والآخرة مهتمّين بأمر الحيوة الدّنيا فاذا ركبوا في الفلك وخافوا على الحيوة الدّنيا (دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) اى الطّريق اليه لا الملّة أو الإسلام أو الايمان فانّ الآية عامّة لذوي الملل الالهيّة