المجرّدات عن التّقدّر غيبا بالنّسبة اليه والإنسان الجبروتىّ المتّحد بحدود العقول لا يتجاوز إدراكه الى عالم المشيّة وعالم المشيّة غيب بالنّسبة اليه فصحّ ان يقال : لا يعلم جميع المتّحدّ دين بحدود سماوات الأرواح وأراضي الأشباح الغيب الّذى هو عالم الأسماء والصّفات الّا الله ويكون الاستثناء منقطعا ان خصّص لفظة من الموصولة بالممكنات ، أو متّصلا ان لم تخصّص
علم الائمّة (ع)
والاشكال بانّ الائمّة كانوا يعلمون علم ما كان وما هو كائن وما يكون الى يوم القيامة وانّ عليّا (ع) وأصحابه كانوا يعلمون علم المنايا والبلايا والأنساب غير وارد ، فانّهم غير من في السّماوات والأرض لعدم تحدّدهم بحدودهما لخروجهم الى مقام الإطلاق الّذى هو المشيّة وفي ذلك المقام لا فرق بينهم وبين حبيبهم فعلمهم في ذلك المقام علم الله ، وامّا سائر مقاماتهم المقيّدة بحدود السّماوات أو الأرض فانّهم في تلك المقامات يعلمون بتعليم الله اى بتعليم مقامهم المطلق الّذى لا فرق بينهم وبينه بمعنى انّهم في ذلك فانون من انانيّاتهم وباقون بوجود الله لا بوجوداتهم فهم يعلمون بعلم الله الغيب عن السّماوات والأرض ويعلّمون بتعليم الله سائر مقاماتهم المحدودة بحدودات المقامات النّازلة ، روى انّ أمير المؤمنين (ع) أخبر يوما ببعض الأمور الّتى لم يأت بعد فقيل له : أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب؟ ـ فضحك وقال : ليس هو بعلم غيب انّما هو تعلّم من ذي علم ، وانّما علم الغيب علم السّاعة وما عدّده الله سبحانه بقوله : (أَنَّ اللهَ عِنْدَهُ) (الآية) فيعلم سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى ، وقبيح أو جميل ، وسخىّ أو بخيل ، وشقىّ أو سعيد ، ومن يكون للنّار حطبا أو في الجنان للنّبيّين مرافقا فهذا علم الغيب الّذى لا يعلمه الّا الله ، وما سوى ذلك فعلم علّمه الله نبيّه (ص) فعلّمنيه ودعا لي ان يعيه صدري وتضمّ عليه جوارحي ، وبعد ما سبق لا حاجة لك الى بيان أجزاء الحديث (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ) اى في اىّ مقام من مقامات البعث (يُبْعَثُونَ) فانّ المحدود بحدّ من حدود السّماوات والأرض لا يعلم وقت قيامه من مرقد حدّه ولا مقام قيامه منه والمطلق من ذلك الحدّ يعلم وقت بعثه ومقامه بعلم الله لا بعلم نفسه (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ) اى يفنى علمهم في الآخرة أو يتكامل ويتلاحق علمهم في الآخرة أو فنى علمهم في حقّ الآخرة بمعنى انّهم لا يعلمون شيئا من الآخرة أو تلاحق أسباب علمهم في حقّ الآخرة من الآيات والعلامات الدّالّة على وجود الآخرة ، قرئ بل ادّارك مغيّر تفاعل وبل أدرك من باب الأفعال ، وبل ادّرك من الافتعال وبل درك بفتح اللّام وسكون الدّال الخفيفة من باب الأفعال بنقل حركة الهمزة الى اللّام وحذفها وبل أدرك وبل أتدارك وبلى أدرك وبلى اءدرك وأم أدرك وأم تدارك (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها) اى من الآخرة (بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) فانّ الشّاكّ في شيء يتصوّر ذلك الشّيء ثمّ يشكّ في ثبوته أو يثبته أو ينفيه وهؤلاء كانوا عميانا من امر الاخرة لا يدركونها لا بالتّصوّر ولا بالتّصديق ، وترتّب الاضرابات ووجه ترتّبها بحسب معاني الإدراك موكول الى ذوق النّاظر (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالآخرة والبعث (أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ) جواب إذا محذوف وقوله أإنّا لمخرجون تأكيد للاوّل والتّقديرءاذا كنّا ترابا نخرج أإنّا لمخرجون (لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ) ووعد آباؤنا من قبلنا أو من قبل وعدنا ولم يظهر منه شيء (إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) الأحاديث الّتى لا نظام لها والأسمار الّتى لا حقيقة لها جمع الاسطار جمع السّطر ، أو جمع الاسطار أو الاسطير بكسر الهمزة فيهما أو الاسطور بضمّ الهمزة بدون التّاء أو مع التّاء في الكلّ كما مضى سابقا (قُلْ) لهم (سِيرُوا فِي الْأَرْضِ) اى ارض الطّبع في العالم الكبير أو الصّغير أو السّر واخبار الماضين أو ارض القرآن واخبار الأنبياء والأولياء (ع) (فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) الّذين أجرموا بإنكار الآخرة ثمّ انكار الرّسل (ع) وعدم طاعتهم في امر الآخرة (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) يعنى انّك لغاية رحمتك تريد ان يكون جميع العباد مطيعين مرحومين وإذا لم يطيعوا ويستحقّوا