وكون لسان الدّاعى حين الاضطرار لسان الله أشار المولوىّ قدسسره بقوله :
هم دعا از من روان كردى چو آب |
|
هم ثباتش بخش وگردان مستجاب |
هم تو بودى اوّل آرنده دعا |
|
هم تو باش آخر أجابت را رجا |
چون خدا از خود سؤال وكدّ كند |
|
پس سؤال خويش را كى ردّ كند |
هم دعا از تو أجابت هم ز تو |
|
ايمنى از تو مهابت هم ز تو |
وهذا المضطرّ ان كان اضطراره تكليفيّا غلب لا محالة على القوى الثّلاث وملكهم في الصّغير وإذا ملك في العالم الصّغير ينتهى مالكيّته الى المالكيّة في العالم الكبير وليست هذه المالكيّة وتلك الاجابة الّا من الله تعالى وان كان اضطراره تكوينيّا وبقي على اضطراره انتهى اضطراره الى الاضطرار التّكليفىّ ، والاضطرار التّكليفىّ يصير سببا للمالكيّة والاستخلاف في العالمين (وَيَكْشِفُ السُّوءَ) اجابة لدعائه ، والسّوء اعمّ من الواردات الغير الملائمة لانسانيّة الإنسان وحيوانيّة ومن تبعات الذّنوب ومن النّقائص اللّازمة له من الانانيّة والحدود (وَيَجْعَلُكُمْ) التفت من الغيبة الى الخطاب للاشعار بانّ المضطرّ إذا صار أهلا للخلافة يصير له حالة الحضور والتّخاطب وبدون حصول حالة الحضور له لم يكن له شأنيّة الخلافة (خُلَفاءَ الْأَرْضِ) خلفاء ارض العالم الصّغير والكبير كما ذكر ، وامّا التّفسير بخلافة الماضين بإيراث أرضهم وأموالهم فلا يناسب ذكره بعد اجابة المضطرّين وكشف السّوء عنهم خصوصا على ما ورد عنهم انّ الواو في القرآن للتّرتيب ، عن الصّادق (ع) انّ الآية نزلت في القائم من آل محمّد (ص) هو والله المضطرّ إذا صلّى في المقام ركعتين ودعا الله عزوجل فأجابه ويكشف السّوء ويجعله خليفة في الأرض (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما) اى تذكّر قليلا أو شيئا قليلا اىّ قليل من آلاء الله (تَذَكَّرُونَ أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) بإعطاء القوى والمشاعر وانضباط الكواكب في حركاتها (وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ) كرّر من لانّ إرسال الرّياح جنس سوى جنس الهداية (بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ تَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ) بتسبيب الأسباب السّماويّة من اشعّة الكواكب وتخالف اللّيل والنّهار وتحريك السّحاب وإنزال الأمطار ، أو المراد سماء عالم الأرواح ورزق الإنسان من العلوم والأحوال والأخلاق والمكاشفات (وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) يعنى انّ هذه الأفعال لا يجوز ان تنسب الى معبوداتكم وهذه هي افعال الله فلا يجوز ان يكون شيء من معبوداتكم شريكا له تعالى في ذلك ، وإذا لم يكن شريكا له تعالى في ذلك لم يكن شريكا له في العبادة ، فانّ استحقاق العبادة ليس الّا بهذه (قُلْ) يا محمّد (ص) (لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ).
معنى الغيب
اعلم ، انّ السّماء تطلق على ما له علوّ وارتفاع وتأثير فيما دونه ، والأرض تطلق على ما له دنوّ وانفعال ، وهذان المعنيان لا اختصاص لهما بالسّماء والأرض الطّبيعيّتين بل جملة عالم الأرواح بهذا المعنى سماوات وجملة عالم الأجسام الملكيّة والملكوتيّة العلويّة والسّفليّة أراض ، والغيب ما كان غائبا عن نظر من كان ذلك الغيب غيبا له سواء كان مشهودا حاضرا لغيره أو لم يكن ، والمراد بمن في السّماوات والأرض من كان متحدّدا بحدودهما غير خارج من حجب تعيّناتهما ، فانّ الإنسان الملكىّ هو الّذى يكون محتجبا تحت حدود الملك ويكون إدراكاته مقصورة على المحسوسات فانّ المدرك في إدراكه لا بدّ وان يكون سنخا للمدرك بل متّحدا معه فالمدرك إذا كان ملكيّا كان مدركه أيضا ملكيّا وهذا المدرك يكون جميع ما في السّماوات من السّماوات الطّبيعيّة وسماوات الأرواح غيبا بالنّسبة اليه والإنسان الملكوتىّ لا يتجاوز إدراكه الملكوت ولا يكون مدركه مجرّدا صرفا ويكون