أو الغافلون أو المنكرون للولاية وهو المنظور (مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ) من الأشجار والأحجار والكواكب والأصنام والجنّ والشّياطين والاهوية والمهويّات ورؤساء الضّلالة (وَلا يَضُرُّهُمْ وَكانَ الْكافِرُ) عطف في معنى الاضراب كأنّه قال : بل كانوا لكنّه وضع الظّاهر موضع المضمر ليكون تصريحا بذمّهم بالكفر وتعليلا للحكم ، والمراد بالكافر أحد الأصناف المذكورة فانّ كلّا كان (عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً) اى مظاهرا على ربّه لانّ ربّ الكافر لا يظهر الّا بالفطرة الانسانيّة الّتى هي الولاية التّكوينيّة أو اللّطيفة العقلانيّة وتلك الفطرة مظهر للرّبّ في الولاية وللرّبّ المطلق والكافر باىّ معنى كان ساتر لتلك اللّطيفة والسّاتر لتلك اللّطيفة نابذ لها خلف ظهره ومظاهر للشّيطان على تضعيفه تلك الفطرة في جملة أفعاله سواء كانت بصورة العبادات أم لا ، لانّ السّاتر لتلك اللّطيفة يكون توجّهه في فعله الى غيره وكلّ فعل منه خروج من القوّة الى الفعليّة والخروج من القوّة الى الفعليّة إذا لم يكن بالتّوجّه الى تلك اللّطيفة صار صاحبه بتلك الفعليّة بعيدا من تلك اللّطيفة حتّى تنقطع منه وصار مرتدّا فطريّا غير مرجوّ منه الخير وغير مقبول التّوبة ، وأشير في الاخبار الى انّ المراد بالكافر مخالف الولاية وبربّه علىّ (ع) ، وقيل : المراد بالكافر ابو جهل وبربّه محمّد (ص) ، ولا ينافي ذلك التّعميم كما عرفت وجهه (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً) تسلية له (ص) ورفع للحرج عنه كأنّه ضاق صدره من كفرهم وكونهم مظاهرين عليه وتحرّج على ان لا يقدر على تغييرهم عن كفرهم (قُلْ) يا محمّد (ص) تسلية لقلبك ومتاركة معهم وإتماما للحجّة عليهم (ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) اى على الإرسال أو على التّبشير والإنذار (مِنْ أَجْرٍ) اى شيئا من الأجر حقيرا حتّى تتّهمونى بانّ ادّعائى لذلك ليس من الله (إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ) في الولاية أو ربّه المطلق (سَبِيلاً) اىّ سبيل كان.
اعلم ، انّ شأن الرّسالة ليس الّا الإنذار من التّوقّف في مسبع النّفس والتّخويف من مخاوف الوقوف على المشتهيات النّفسيّة الّتى توجب دخول النّار مع الكفّار كما قال : انّما أنت منذر بطريق الحصر وانّ المقصود من قبول الرّسالة والبيعة الاسلاميّة ليس الّا الاهتداء الى الايمان الّذى هو طريق الى الله ، وقد علمت انّه لا يحصل الّا بقبول الولاية والبيعة الايمانيّة فالإسلام في الحقيقة مقدّمة للايمان ودلالة على الطّريق الى الله فلم يكن مقصود الرّسول (ص) من تبليغه الّا ايمان المؤمن لا إسلام المسلم الّا من باب المقدّمة ولانّه يصير المؤمن بشأن ايمانه من اظلال الرّسول (ص) من حيث ولايته واجزائه صحّ ان يقول الرّسول لا اطلب منكم على متاعب رسالتي الّا ذات من شاء ان يتّخذ الى ربّه سبيلا ، اى من شاء ان يصير مؤمنا وقابلا للولاية واترك الكفّار الّذين هم أموات ولا تنظر إليهم والى ما فعلوا من عبادة غير الله ومن ايذائك فانّهم لا حراك لهم الّا بالله وكل أمورك الى الله (وَتَوَكَّلْ) واعتمد (عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) اى على الحىّ بالذّات فانّ من يموت يكون حيوته عرضيّة يعنى لا تر الأفعال من غير الله بل كن فانيا من نسبة الأفعال الى غيره وانظر الى علمه تعالى وقدرته وإرادته بالذّات فانّ الحيوة يستلزمها وإذا كانت ذاتيّة كانت تلك أيضا ذاتيّة واعلم ، انّها في غير الله بتوسّطه حتّى تعتمد عليه وتكامل أمورك اليه ولا تنظر الى فعل وارادة وقدرة من غيره فانّ مقام التّوكّل لا يحصل للسّالك الّا بالفناء من فعله والنّظر الى سريان قدرته وإرادته وفعله في الجميع (وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) اى نزّهه عن جميع ما لا يليق به بسبب حمده الّذى هو سعة وجوده فانّ تسبيحه لا يكون الّا تحميده كما مضى في اوّل الفاتحة انّ تسبيحه عبارة عن سلب النّقائص والحدود عنه ، وسلب الحدود ليس الّا سلب السّلب الرّاجع الى سعة الوجود ، والمراد بالتّسبيح منه (ص) ليس الّا التّسبيح الفعلىّ الّذى هو خروجه عن جميع الحدود وفناؤه عن أفعاله وصفاته وذاته يعنى لا تنظر الى حدودك وحدود غيرك وذنوبهم فانّ الله يقلّبهم في الحدود والذّنوب ويجازيهم على