كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)(إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ) في عدم التّدبّر وعدم تذكّر المقصود من التّخاطب وفي كونهم محكومين بحكم شهوتهم وغضبهم من دون رادع يردعهم من أنفسهم (بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) لانّ الانعام مفطورة على اتّباع الشّهوات والغضبات وليست ضالّة عن طريقها المفطورة عليها ، وانّما ضلالها يكون بالنّسبة الى الإنسان وطريقه والإنسان مفطور على السّلوك الى الله والخروج من جملة الحدود والتّعيّنات واللّحوق بعالم الإطلاق ، فاذا انصرف عن هذا السّير واللّحوق ووقف على بعض مراتب البهائم أو السّباع أو الشّياطين كان ضالّا عن طريقه الخاصّة به واضلّ من كلّ ضال ، لانّ ضلال كلّ ضالّ سوى الإنسان والجانّ يكون بالنّسبة الى طريق الانسانيّة الّتى لا يترقّب منه السّير عليها بخلاف ضلال الإنسان فانّه يكون بالنّسبة الى طريقه الّتى يترقّب منه السّير عليها (أَلَمْ تَرَ) الخطاب لمحمّد (ص) فانّه أهل لتلك الرّؤية وينبغي ان يعاتب على تركها ويؤكّد ثبوتها له أو عامّ فانّ غيره ينبغي ان يرى ويوبّخ على تركها (إِلى رَبِّكَ) المضاف وهو ربّه في الولاية ، ومدّ الظّلّ منه عبارة عن صورته المثاليّة الّتى إذا تمكّن القابل للولاية في الاتّصال بها يرى سعة احاطتها وتصرّفها فيما سواها من غير توقّف الى مضىّ زمان أو قطع مكان والنّقل من مقام أو ربّك المطلق ، ومدّ الظّلّ منه عبارة عن سعة مفعولاته وكثرة مقدوراته وانتهاء ذلك الظّلّ الى الملكوت السّفلى وعالم الجنّة والشّياطين ، أو المراد بالظّلّ هو الّذى خرج من انانيّته وحيي بحيوة الله وبقي ببقاء الله وهم الأنبياء والأولياء (ع) فانّهم بالنّسبة الى الله كالظّلّ بالنّسبة الى الشّاخص من حيث انّه لا انانيّة له من نفسه ولا استقلال ولا بقاء كما قيل :
سايه يزدان بود بنده خدا |
|
مرده اين عالم وزنده خدا |
كيف مدّ الظل نقش اولياست |
|
كو دليل نور خورشيد خداست |
دامن أو گير زوتر بيگمان |
|
تا رهى از آفت آخر زمان |
اندرين وادي مرو بى اين دليل |
|
لا احبّ الآفلين گو چون خليل |
(كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ) قيل على ظاهر التّنزيل : الم تر الى فعل ربّك ، وقيل معناه : الم تعلم ، وقيل : انّ هذا على القلب والتّقدير الم تر الى الظّلّ كيف مدّه ربّك ، وقيل : المراد بالظّلّ ما بين الطّلوعين فانّه ظلّ ممدود غير مقطوع ، وقيل : المراد بالظّلّ ما بين غروب الشّمس الى طلوعها (وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً) غير ممدود وغير متحرّك الى المدّ أو جعله ساكنا من السّكنى بمعنى الاقامة فانّه لو شاء الله لم يظهر الشّمس حتّى يكون الظّلّ دائما ، أو لم يتبدّل أوضاعها حتّى يكون الظّلّ بحال واحدة ، أو لم يرجع الفاني الى البقاء أو لم يذهب بالرّاجع الى البقاء الى حضرته فيكون نبىّ واحد وولىّ واحد في جملة أدوار العالم أو لم يذهب بالمكوّنات ولم يخرجها من القوى الى الفعليّات أو لم ينزل الوجود من عالم الأرواح الى عالم الأكوان (ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً) يعنى لو شاء لجعل الشّمس على الظّلّ دليلا لكنّه لم يشأ فجعل الظّلّ دليلا على الشّمس فانّه بجملة معانيه وبطونه يدلّ على الشّمس ، أو المعنى ثمّ لو شاء لجعل الشّمس عليه دليلا لكنّه شاء وجعل الشّمس دليلا على الظّلّ لمن رقى عن رؤية افعال الله الى مشاهدة ذاته في مظاهر جماله ، أو المعنى الم تر كيف مدّ الظّلّ ثمّ كيف جعل الشّمس عليه دليلا لمن صار كذلك وعلى هذين المعنيين فالإتيان بثمّ للاشعار بانّ دلالة الشّمس على الظّلّ مع انّها مدلولة للظّلّ في اوّل الأمر لا تكون بعد مشاهدة فعل الله في جملة الأفعال الّا بتراخ كما انّ الالتفات من الغيبة الى التّكلّم للاشارة الى انّ دلالة الشّمس على مصنوعاته لا تكون الّا بعد حصول مقام الحضور (ثُمَّ قَبَضْناهُ) بعد المدّ (إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً) لفظ إلينا كالتّصريح بانّ المقصود من الظّلّ هو الأنبياء والأولياء (ع) ، وجملة الموجودات وقبض ظلّ الشّمس بعد المدّ محسوس ، وقبض