إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) يقول لستم يهود فتصلّوا قبل المغرب ولا النّصارى فتصلّوا قبل المشرق وأنتم على ملّة إبراهيم (ع) وقد قال الله عزوجل : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وقوله : يكاد زيتها يضيء يقول : مثل أولادكم الّذين يولدون منكم مثل الزّيت الّذى يعصر من الزّيتون يكادون ان يتكلّموا بالنّبوّة ولو لم ينزل عليهم ملك ، وعن الصّادق (ع) عن أبيه في هذه الآية : الله نور السّماوات والأرض ، قال بدأ بنور نفسه مثل هداه في قلب المؤمنين كمشكوة فيها مصباح ، المشكوة جوف المؤمن والقنديل قلبه ، والمصباح النّور الّذى جعله الله فيه ، توقد من شجرة مباركة قال : الشّجرة المؤمن زيتونة لا شرقيّة ولا غربيّة ، قال : على سواء الجبل لا غربيّة اى لا شرق لها ولا شرقيّة اى لا غرب لها ، إذا طلعت الشّمس طلعت عليها ، وإذا غربت غربت عليها ، يكاد النّور الّذى جعله الله في قلب المؤمن يضيء وان لم يتكلّم نور على نور فريضة على فريضة وسنّة على سنّة يهدى الله لنوره من يشاء ، قال : يهدى الله لفرائضه وسننه من يشاء ، ويضرب الله الأمثال للنّاس قال : فهذا مثل ضربه الله للمؤمن ، قال : فالمؤمن ينقلب في خمسة من النّور مدخله نور ، ومخرجه نور ، وعلمه نور ، وكلامه نور ، ومصيره يوم القيامة الى الجنّة نور قال الرّاوى : قلت لجعفر (ع) انّهم يقولون مثل نور الرّبّ قال سبحان الله ليس لله مثل اما قال : (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ)؟! ويجوز ان يراد بالمصباح ولاية محمّد (ص) مخصوصا فليكن الزّجاجة نبوّته والمشكوة رسالته ، والشّجرة لطيفته السّيّارة الانسانيّة أو مادّته الكاملة وجثّته العنصريّة اللّتين كانتا في حاقّ الوسط غير مائلتين الى التّوحيد ولا الى التّكثير كعيسى وموسى (ع) فانّ أحدهما مال الى التّوحيد والآخر الى التّكثير ، ويجوز ان يراد بالمصباح نبوّة محمّد (ص) فليكن الزّجاجة رسالته والمشكوة صدره ، والشّجرة لطيفته السّيّارة ، أو ولايته الكاملة أو مادّته ، وقيل : انّ المشكوة إبراهيم (ع) والزّجاجة إسماعيل (ع) والمصباح محمّد (ص) من شجرة مباركة يعنى إبراهيم (ع) لانّ أكثر الأنبياء من صلبه لا شرقيّة ولا غربيّة لا نصرانيّة ولا يهوديّة يكاد زيتها يضيء اى يكاد محاسن محمّد (ص) تظهر قبل ان يوحى اليه ، وقيل : المصباح القرآن ، والزّجاجة قلب المؤمن ، والمشكوة لسانه وفمه ، والشّجرة شجرة الوحي يكاد حجج القرآن تتّضح وان لم تقرأ (نُورٌ عَلى نُورٍ) خبر بعد خبر لمثل نوره يعنى صفة نوره الّذى هو المشيّة صفة نور على نور في شدّة الاضاءة لتضاعف اضاءته بصفاء زيته وصفاء زجاجته ، وجمع المشكوة لنوره على انّ المشيّة الّتى هي وجود مطلق مقوّمة لجميع الوجودات المقيّدة فهي وجود مطلق وارد على جميع الوجودات المقيّدة وهكذا سائر الوجوه المذكورة في النّور ، أو خبر لمبتدء محذوف اى نور الرّبّ نور على نور بجميع الوجوه المذكورة في النّور أو خبر بعد خبر لله اى الله بحسب مظاهره نور على نور ، أو مبتدء خبر محذوف اى في المشكوة نور على نور ، أو خبر بعد خبر للمصباح ، أو خبر بعد خبر للزّجاجة ، أو خبر بعد خبر لكأنّ ، أو صفة لمصباح ، أو لكوكب ، أو خبر مبتدء محذوف اى الكواكب الدرّىّ نور على نور أو مبتدء وعلى نور خبره ومسوّغه الوصف المقدّر اى نور عظيم على نور أو مبتدء وخبره (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ) وعائده تكرار المبتدأ اى نور على نور يهدى الله اليه (مَنْ يَشاءُ).
وجوه اعراب آية النّور
وبيان اعراب الآية بنحو الإجمال ان يقال : الله مبتدء ونور السّماوات خبره كما هو الظّاهر أو بدل منه أو صفته ومثل نوره كمشكوة جملة وخبر بعد خبر لله أو خبر له أو حال أو مستأنفة جواب لسؤال مقدّر أو معترضة وفيها مصباح صفة لمشكوة أو مستأنفة أو معترضة والمصباح في زجاجة صفة مصباح أو صفة مشكوة أو حال من مشكوة والعائد على الاوّل تكرار الموصوف وعلى الأخيرين يكون