هذه الكلمة لتفصيل الإجمال السّابق (إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَ) فانّ الزّينة لم تكن الّا لهم بل النّساء مأمورات بالزّينة وابدائها للأزواج ليتحرّك ميلهم إليهنّ (أَوْ آبائِهِنَ) فانّه لا يتصوّر الرّيبة والفتنة منهم (أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَ) نسب الى الباقر (ع) انّه قال : الزّينة الظّاهرة الثّياب والكحل والخاتم وخضاب الكفّ والسّوار ، والزّينة ثلاث : زينة للنّاس وزينة للمحرم وزينة للزّوج ، فامّا زينة النّاس فقد ذكرناها ، وامّا زينة المحرم فموضع القلادة فما فوقها ، والدّملج وما دونه ، والخلخال وما أسفل منه ، وامّا زينة الزّوج فالجسد كلّه ، وعن النّبىّ (ص) انّه قال : للزّوج ما تحت الدّرع ، وللابن والأخ ما فوق الدّرع ، ولغير ذي محرم اربعة أثواب ، درع وخمار وجلباب وإزار (أَوْ نِسائِهِنَ) يعنى النّساء المؤمنات فانّ الاضافة الى ضمير المؤمنات تفيد تخصيصا للنّساء وبعد اعتبار حيثيّة الايمان في الاضافة يعلم انّ المراد بهنّ المخصوصات بالمؤمنات بوصف الايمان لا بالقرابة لعدم اعتبار حيثيّة الايمان في القرابة ولا بالمملوكيّة لهنّ لعدم اعتبار تلك الحيثيّة في المملوكيّة ولذكر المملوكة بعد ذلك ، روى عن الصّادق (ع) انّه لا ينبغي للمرأة ان تنكشف بين اليهوديّة والنّصرانيّة فانّهنّ يصفن ذلك لازواجهنّ (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) من الإماء الغير المسلمة أو من العبيد والإماء فانّه لا بأس ان يرى المملوك شعر مولاته وساقها إذا كان مأمونا كما في الخبر ، وفي خبر : لا يحلّ للمرأة ان ينظر عبدها الى شيء من جسدها الّا الى شعرها غير متعمّد لذلك (أَوِ التَّابِعِينَ) الّذين من شأنهم ان يكونوا تابعين كالخادم والخادمة ، والسّقّاء والسّقاءة ، والأجير والاجيرة ، والشّيخ والشّيخة ، والأبله والبلهاء ، والمولّى عليهما ، والمجنون والمجنونة (غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ) اى غير ذوي الحاجة الى النّساء يعنى ان لم يكن لهم شهوة النّساء والّا فلا يجوز لهم النّظر ولا لهنّ إبداء الزّينة لهم (مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) اى لم يطّلعوا على عوراتهنّ من حيث انّها عورات بان لم يكن فيهم شهوة النّساء حتّى يتميّز العورة منهنّ عندهم من غيرها ، والطّفل جنس في معنى الجمع ولذلك وصف بالجمع (وَلا يَضْرِبْنَ) لمّا كان المتبادر من إبداء الزّينة ابداءها على الأبصار دون ابدائها على الآذان قال : ولا يضربن (بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ) بسماع صوت الزّينة من الخلخال وغيره (ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَ) فانّ صوت الخلخال واللّباس ممّا يهيّج ميل الرّجال (وَتُوبُوا) لمّا نهى النّساء من إبداء ما يريب الرّجال من لباسهنّ وزينتهنّ وابدانهنّ امر الرّجال بالانصراف عمّا يريبهم والتّوجّه الى ربّهم ، أو لمّا امر الرّجال بغضّ الأبصار وحفظ الفروج وامر النّساء كذلك امر النّساء والرّجال بالانصراف ممّا يهيّج الشّهوات وبالتّوجّه الى الله بطريق التّغليب فقال : توبوا (إِلَى اللهِ جَمِيعاً) لفظ الجميع وان كان بمعنى المجتمع لكنّه يستعمل لمحض تأكيد العموم من دون اعتبار الاجتماع في زمان الحكم (أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ) رسم في المصاحف كتابة ايّها هذه بدون الالف الاخيرة وقرئ ايّه المؤمنون بفتح الهاء وضمّها تشبيها للهاء بعد إسقاط الالف بحرف آخر الكلمة واجراء لحركة ضمّ المنادي عليها (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ولمّا امر المؤمنين والمؤمنات بغضّ البصر وحفظ الفروج وكان ذلك شاقّا على ذوي العزوبة قال تعالى (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى) مقلوب ايايم جمع الايّم مشدّد الياء من لا زوج له من الرّجال والنّساء فالمعنى انكحوا من لا زوجة له من الرّجال ومن لا زوج لها من النّساء (مِنْكُمْ) حالكونهم منكم من حيث الايمان فانّ الخطاب للمؤمنين بعنوان الايمان ومفهوم مخالفته لا تنكحوا الأيامى من غيركم من حيث الايمان