وعن الحسن المجتبى (ع) انّه قال بعد ما حاجّ معاوية وأصحابه وقام من مجلسه : الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات هم والله يا معاوية أنت وأصحابك هؤلاء وشيعتك ، والطّيّبات للطّيّبين الى آخر الآية هم علىّ بن ابى طالب وأصحابه وشيعته (أُولئِكَ) يعنى صفوان وعائشة أو جريح ومارية وأمثالهما أو الطّيّبون والطّيّبات (مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ) فيهم من الافك أو ممّا يقوله الخبيثون يعنى من ان يقولوا مثل قولهم (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) لطيبوبتهم وطيبوبة هذين (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً) مسكونة (غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا) استأنس ذهب توحّشه ، واستأنسه استأذنه ، واستأنس استعلم واستأنس طلب الانس اى الإنسان ، وقيل لرسول الله (ص) : يا رسول الله ما الاستيناس؟ ـ قال : يتكلّم الرّجل بالتّسبيحة والتّحميدة والتّكبيرة ويتنحنح على أهل البيت ، وهذا يناسب الاستيناس مقابل الاستيحاش والاستعلام ، وقيل : اطّلع رجل في حجرة من حجر رسول الله ، فقال رسول الله (ص) ومعه مدرىّ يحكّ به رأسه لو أعلم انّك تنظر لطعنت به في عينيك انّما الاستيذان من النّظر (وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها) بيان للاستيناس على بعض معانيه وحكم آخر على بعض آخر (ذلِكُمْ) الاستيناس أو الدّخول بالاستيناس (خَيْرٌ لَكُمْ) وقلنا لكم ذلك أو أنزلنا عليكم هذا الحكم (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) مصالحه (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها) لانّه قد يوجد في بيوت غيركم ما لا يجوز لكم الاطّلاع عليه وما يكره صاحب البيت اطّلاع الغير عليه (حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا) ولا تلجّوا ولا تكرهوا فانّه قد يكون صاحب البيت بحال لا يجوز للغير الاطّلاع عليه (هُوَ أَزْكى لَكُمْ) أنمى لكم أو أصفى أو أنفع لكم (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) فان ترجعوا عن طيب نفوسكم يعلمه الله ويجازكم به (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) جواب لسؤال مقدّر (أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ) من غير استيناس وتسليم (فِيها مَتاعٌ لَكُمْ) اى تمتّع واستمتاع ، في الخبر انّها الحمّامات والخانات والارحبة وأمثالها ، وقيل : المراد الخربة يدخل الإنسان فيها لقضاء حاجة ، وقيل : المراد بيوت التّجّار والصّنّاع الّتى يفتح أبوابها لمعاملة النّاس ، وقيل : انّها منازل المسافرين ، والحقّ انّه إذا أريد بالمتاع التّمتّع كان المراد بالبيوت مطلق البيوت الّتى يكون اذن عامّ من الشّارع أو من مالكيها في الدّخول فيها ، وان كان المراد بالمتاع الأجناس الّتى يتمتّع بها كان المراد مطلق البيوت الّتى يكون فيها أمتعتكم سواء كانت البيوت مملوكة لكم غير مسكونة لكم ولغيركم ، أو مملوكة لغيركم غير مسكونة لكم ولغيركم (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ) من الأفعال والأحوال والأخلاق والنّيّات والاستعدادات الّتى لم تشعروا بها بعد فيعلم دخولكم في بيوت غيركم ونيّاتكم في دخولكم فلا تدخلوا من غير استيناس حتّى يتّهمكم غيركم بالفاحشة أو قصدها ولا يقع انظاركم على ما لا يجوز النّظر اليه من حريم صاحبي البيوت فيريبكم ولا تقدروا على منع نفوسكم من الفاحشة ، وهذا تحذير ممّا يجعل الإنسان معرضا للتّهمة وممّا يريبه فانّه لمّا شدّد على الزّانى والزّانية وغلّظ على من رمى غيره بالفاحشة ، حذّر المؤمنين عن مواقع الرّيبة ومواضع التّهمة حتّى لا يقعوا في الرّيبة والفاحشة ويستحقّوا عقوبة الفاحشة ولا يوقع النّاس في سوء الظّنّ ورمى الفاحشة فيستحقّوا عقوبة المفترين ، كما انّه حذّرهم بالآية الآتية عمّا يريبهم أو يريب غيرهم من النّظر الى فروج غيرهم أو من ان ينظر الى فروجهم وحذّر النّساء من ذلك ومن إبداء زينتهنّ لمن لا يجوز له النّظر بالرّيبة فقال : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) قد مضى مكرّرا انّه تعالى ما يأتى بالمقول في أمثاله للاشعار بانّ قوله (ص) لقوّة نفسه يؤثّر فيهم بحيث يصير سببا لما يذكر بعده من غير اعتبار المقول في جزم الجواب ، وغضّ طرفه غضاضا بالكسر وغضّا وغضاضا وغضاضة بفتحهنّ حفظه وتحمّل المكروه ، وغضّ من بصره نقص منه ووضع من قدره ، وقيل : من هنا زائدة والمعنى يحفظوا