فعلا ماضيا وبالتّخفيف وغضب الله مصدرا مرفوعا ، وقرئ بتشديد النّون وغضب الله مصدرا منصوبا (عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فيما رماها به ، عن الصّادق (ع) في جواب من سأله عن هذه الآية انّه القاذف الّذى يقذف امرأته فاذا قذفها ثمّ اقرّ انّه كذب عليها جلد الحدّ وردّت اليه امرأته وان ابى الّا ان يمضى فليشهد عليها اربع شهادات بالله انّه لمن الصّادقين ، والخامسة يلعن فيها نفسه ان كان من الكاذبين ، وان أرادت ان تدرأ عن نفسها العذاب والعذاب هو الرّجم شهدت اربع شهادات بالله انّه لمن الكاذبين ، والخامسة انّ غضب الله عليها ان كان من الصّادقين ، فان لم تفعل رجمت وان فعلت درأت عن نفسها الحدّ ثمّ لا تحلّ له الى يوم القيامة ، قيل : أرأيت ان فرّق بينهما ولها ولد فات؟ ـ قال : ترثه أمّه وان ماتت أمّه ورثه أخواله ، ومن قال : انّه ولد زنا جلد الحدّ ، قيل : يردّ اليه الولد إذا اقرّ به؟ ـ قال : لا ولا كرامة ولا يرث الابن ويرثه الابن ، وفي خبر : انّ الآية نزلت في رجل من المسلمين جاء الى رسول الله (ص) وادّعى انّه رأى رجلا مع امرأته ، وفي خبر انّ عويمر بن ساعدة العجلانىّ رأى ذلك وجاء الى رسول الله (ص) وتلاعنا ، وفي خبر انّ هلال بن أميّة قذف زوجته بشريك بن السّمحاء ، وعن الصّادق (ع) إذا قذف الرّجل امرأته فانّه لا يلاعنها حتّى يقول رأيت بين رجليها رجلا يزني بها ، وعن الباقر (ع) يجلس الامام مستدبر القبلة فيقيمهما بين يديه مستقبلا القبلة بخداء ويبدأ بالرّجل ثمّ المرأة وإذا شهد مرّتين أو ثلاث مرّات ونكل جلد الحدّ ، ولا يفرّق بينه وبين امرأته ، وأشير في الخبر الى انّه لمّا جعل الله للزّوج مدخلا لم يجعله لغيره جعل الله شهادته اربع شهادات بالله مكان اربع شهود بخلاف غيره من أب وولد وأخ وغيره ، ولو قال غيره ذلك قيل له : وما أدخلك المدخل الّذى ترى هذا فيه وحدك أنت متّهم (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) قد مضى مكرّرا انّ المراد بالفضل الرّسالة وأحكامها والرّسول ، وبالرّحمة الولاية وآثارها وعلىّ (ع) (وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ) ولفضّحكم أو عاجلكم بالعقوبة حذف الجواب تفخيما للعقوبة كأنّها لا يمكن ان تجري على اللّسان وليذهب ذهن السّامع كلّ مذهب ممكن ، ولانّه تعالى جرى على طريقة مخاطبات العرف فانّ الغضوب إذا اشتدّ غضبه غاية الاشتداد لا يفي شدّة غضبه بإطالة الكلام وإتمام الخطاب فيحذف منه بعضه وان كان أصل الغضب يقتضي إطالة الكلام وتغليظه (إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ) إفك كضرب وعلم إفكا بالكسر والفتح والتّحريك كذب كأفّك بالتّشديد وافكه عنه كضرب صرفه وقلبه أو قلب رأيه (عُصْبَةٌ) اى جماعة (مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ) الضّمير للافك أو الإتيان بالإفك المستفاد من جاؤا بالإفك (بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) لانّ إفكهم لا يورث ضررا عليكم بل ينفعكم لانّه يكون كفّارة لذنوبكم وتخفيفا لاثقالكم (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ) فانّ من هؤلاء العصبة من يقول افتراء مع علم بانّه افتراء ، ومنهم من يقوله ظنّا وتخمينا ، ومنهم من يقول تقليدا ، ومنهم من يستمع ، ومنهم من يسمع ، ولكلّ منهم قدر ما اكتسب من الإثم (وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ) معظم الإثم كعبد الله بن ابىّ سلول فانّه كان رأس أصحاب الافك كانوا يجتمعون عنده وكان يحدّث النّاس بحديث الافك ويشيع ذلك بين النّاس ويقول باتت امرأة نبيّكم مع رجل حتّى أصبحت ثمّ جاء يقودها والله ما نجت منه وما نجا منها ، وقيل : المراد مسطح بن اثاثة ، وقيل : حسّان بن ثابت ، أو المعنى الّذى تولّى كبرياءه وتأنّف عن انقياد الرّسول (ص) وتوقيره (مِنْهُمْ) اى من هؤلاء العصبة (لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ) قد نقل في تفاسير الخاصّة والعامّة انّ الآيات نزلت في عائشة ، وسبب نزولها انّ الرّسول (ص) خرج بها في غزوة بنى المصطلق وكان الرّسول (ص) إذا أراد ان يخرج بإحداهنّ في غزوة أقرع بينهنّ وبعد ما رجع من تلك الغزوة ودنى من المدينة قامت عائشة حين أذنوا بالرّحيل ومشت حتّى جاوزت الجيش فلمّا قضت شأنها أقبلت الى الرّحل فلمست صدرها