والمؤمنة عن نكاح الزّانية والزّانى والمشركة والمشرك فانّ الاخبار عن الزّانى والزّانية بانحصار نكاحهما فيهم يدلّ على انّ عنوان الزّنا يقتضي حصر نكاحهما فيهم فكلّ عفيف وعفيفة رضى بنكاحهما منهم كان بمنزلة الزّانى والزّانية ، والعفيف والعفيفة لا يرضيان بجعلهما بمنزلة الزّانى والزّانية فلا ينكحا من الزّانى والزّانية والمشرك والمشركة ولذا صرّح بهذا المكنّى وقال (وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) يعنى المؤمنين والمؤمنات لكنّه اكتفى بالمؤمنين تغليبا ، وقيل : انّ المعنى انّ الّذى زنى لا يجامع في حال الزّنا الّا الّتى كانت شريكة له في الزّنا أو كانت مشركة وهي أسوء من الزّانية يعنى المرأة شريكة له في الزّنا أو كانت أسوء حالا من الزّنا ، وقيل : هذا الحكم كان ثابتا لكلّ زان وزانية وكان نكاح غير الموصوف بالزّنا حراما عليهما سواء كانا مشهورين به أم لا ، ثمّ نسخ هذا الحكم بقوله تعالى : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) (الآية) أو المعنى على الاخبار والمقصود انّ الزّانى لا يرغب ولا يعقد الّا على الزّانية لعدم السّنخيّة بينه وبين الصّالحات فيكون الاخبار عن الكلّ باعتبار الغالب (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ) لمّا بيّن حكم الزّانى والزّانية وحدّهما وغلّظ عليهما أراد أن يبيّن انّ نسبة الفاحشة الى العباد امر عظيم مستحقّ قائلها للعذاب مثل عذاب الزّانى والزّانية غاية الأمر انّ عذابه دون مرتبة عذابهما بدرجة وان يبيّن انّ إثبات الفاحشة للعباد ليس مثل إثبات سائر الحقوق يكتفى فيها ببيّنتين حتّى لا يجرأ النّاس على نسبة الزّنا الى العباد فقال : والّذين يرمون (الْمُحْصَناتِ) اللّاتى احصنّ فروجهن بالعفاف والإسلام والحرّيّة والبلوغ والعقل فانّ المراد بالاحصان هاهنا هذه (ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) هذه الآية مجملة كأكثر الآيات فانّ ظاهرها اختصاص الرّامين بالرّجال والمرمىّ بالنّساء والحال انّه لا فرق في الرّامىّ والمرمىّ بين الرّجل والمرأة ، والعبد والحرّ ، والمحصن وغير المحصن ، والبكر وغير البكر ، ولا بين ان يكون الرّمى في حضور المرمىّ أو في غيابه بلا خلاف في أكثر المذكورات ، ولا بين كون الرّمى بالصّراحة أو بالكناية الغير المحتملة غيرها ولكن ينبغي ان يكون الرّامى عارفا بمعنى الكلمة فلو قال : أنت تزني أو أبوك زنى بك أو يا ابن الفاعلة أو أنت المفعول وأنت تعمل عمل قوم لوط ، أو لست من أبيك ، أو أمّي ما زنت في مقام لا يحتمل سوى التّعريض ، أو انا لست من الزّنا تعريضا بالغير في مقام لا يحتمل غير التّعريض ، أو قال في مقام السّبّ ما صريحة الرّمى مع قصد الرّمى مثلا امرأتك الفاعلة أو مثل النّسبة الى الدّياثة مع قصد الرّمى كان رميا ولو لم يقصد بلفظة الرّمى ، أو لم يكن صريحة الرّمى مثل ان يقول : ولدت من الحرام فانّه مشترك بين الرّمى والتّوليد من الغذاء الحرام والانعقاد حال الحيض لم يكن رميا ، نعم لو قال أمثال ذلك في حضور المسلم كانت هتكا لحرمته وكان قائلها مستحقّا للتّعزير ، ولمّا جعل تعالى حكم زنا المحصنين وحكم اللّواط والسّحق القتل اعتبر في إثباتها اربع رجال من دون اعتبار النّساء عوضهم منفردات أو منضّمات ليكون إثباتها صعبا وجعل على من نسب هذه الى أحد من دون الإتيان بأربعة رجال حدّا حتّى لا يجترئ أحد على نسبة هذه الى النّاس ولو رآهم عليها لا يجترئ على إبرازها لئلّا يفتضح المسلمون من غير جرم أو ليتوب المجرم ولا يفتضح ولا يزهق روحه بجرم يمكن ان يتوب عنه ويعبد الله بعده ، ولئلّا يفتري العامّة على الخاصّة ، ولئلّا يجترءوا على الإظهار إذا رأوهم على المتعة فانّ الله قد علم انّهم سينكرونها ويأخذون عليها فجعل الشّاهد للزّنا اربعة رجال فقط لئلّا يجترئ من رأى أحدهم على التّمتّع بالمتعة على الإظهار فانّه قلّما يتّفق اطّلاع اربعة رجال على الوطي ولو كان حلالا ، روى عن الصّادق (ع) انّه سئل لم جعل في الزّنا اربعة شهود وفي القتل شاهدان؟ ـ فقال : انّ الله أحلّ لكم المتعة وعلم انّها ستنكر عليكم فجعل الاربعة الشّهود احتياطا لكم لو لا ذلك لاتى عليكم ، وقلّما تجتمع اربعة شهادة بأمر واحد ، وفي رواية قال (ع) : الزّنا فيه حدّان ولا يجوز ان يشهد