والفعل الّذى لم يكن له غاية (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) فلا حاجة له الى من يعضده فيخلق خلقا يعضدونه ثمّ يهلكهم من غير غاية (رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) ومن كان ربّا للعرش وهو جملة الموجودات لم يكن له حاجة الى الخلق بل يخلقهم ليجود عليهم (وَمَنْ يَدْعُ) جملة حاليّة أو معطوفة على لا اله الّا هو (مَعَ اللهِ) الّذى لا اله الّا هو (إِلهاً آخَرَ) من الأصنام والكواكب والظّلمة واهريمن أو من يدع مع علىّ (ع) إماما آخر (لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ) لانّ من يدعو إلها له على آلهته برهان كمن يدعو الأنبياء والأولياء (ع) لظهور برهان صدقهم في ادّعائهم فهو موحّد لا مشرك ومثاب لا معاقب ولكنّ الّذى يدعو آلها أو إماما لا برهان له على صدقه (فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) كناية عن شدّة العقاب وسوء الحساب (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) جواب لسؤال عن العلّة كأنّه قال : فانّه كافر ولا يفلح الكافرون (وَقُلْ) خطاب لمحمّد (ص) أو عامّ وعطف على مقدّر كأنّه قال : تذكّر أو ذكّر ما ذكرنا وتوسّل بنا واسئلنا وقل (رَبِّ اغْفِرْ) مساوينا الّتى يلزمنا من الاشتغال بكثرات وجودنا والكثرات الخارجة من وجودنا من اتّباع اهويتنا والنّظر الى غيرك في فعالنا (وَارْحَمْ) بعد التّفضّل بالمغفرة (وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) جملة حاليّة وذكر له تعالى باتّصافه بكمال مسئوله استرحاما منه.
سورة النّور
وهي مدنيّة كلّها بلا خلاف وهي اربع وستّون آية ، روى انّ رسول الله (ص) قال :
لا تنزلوهنّ الغرف ولا تعلّموهنّ الكتابة وعلّموهنّ المغزل وسورة النّور ، وعن
الصّادق (ع) : حصّنوا أموالكم وفروجكم بتلاوة سورة النّور ، وحصّنوا بها نساءكم
فانّ من أدمن قراءتها في كلّ ليلة أو في كلّ يوم لم يزن أحد من بيته أبدا حتّى يموت
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سُورَةٌ) قد مضى في اوّل الفاتحة بيان السّورة وقرئ هاهنا مرفوعا مبتدء أو خبرا لمحذوف أو مبتدء و (أَنْزَلْناها) خبره ومسوّغ الابتداء به كون التّنوين للتّفخيم أو للتّنويع ، وقرئ بالنّصب مفعولا لمحذوف من غير مادّة الفعل المذكور ، أو لمحذوف يفسّره قوله أنزلناها (وَفَرَضْناها) اى وقّتناها وعيّنّاها أو أوجبنا على النّاس ما فيها أو فصّلناها وميّزناها وميّزنا ما فيها من الأحكام أو أعطيناها (وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ) تدوينيّة (بَيِّناتٍ) اى بيّنات المعاني أو مبيّنات للمقاصد أو احكام تكليفيّة في صورة الكلمات والحروف ظاهرات المصالح (لَعَلَّكُمْ