أحد الّا حيي وقام كما كان ويعود حملة العرش ويحضر الجنّة والنّار وتحشر الخلائق للحساب ، وقيل : انّ الصّور هاهنا وفي غير هذا الموضع ممّا ذكر من أمثال الآية جمع الصّورة ويؤيّد هذا قراءته بضمّ الصّاد وفتح الواو وبكسر الصّاد وفتح الواو فانّهما ليسا الّا جمع الصّورة بمعنى الشّكل والهيئة ، ونسب الى السّجّاد (ع) انّه سئل عن النّفختين كم بينهما؟ ـ قال : ما شاء الله ، قيل : فأخبرنى يا ابن رسول الله (ص) كيف ينفخ فيه؟ ـ فقال : امّا النّفخة الاولى فانّ الله عزوجل يأمر إسرافيل فيهبط الى الدّنيا ومعه الصّور وللصّور رأس واحد وطرفان وبين رأس كلّ طرف منهما الى الآخر مثل ما بين السّماء الى الأرض ، فاذا رأت الملائكة إسرافيل قد هبط الى الدّنيا ومعه الصّور قالوا : قد اذن الله تعالى في موت أهل الأرض وفي موت أهل السّماء ، قال : فيهبط إسرافيل بحظيرة بيت المقدّس وهو مستقبل الكعبة فاذا رآه أهل الأرض قالوا : قد اذن الله تعالى في موت أهل الأرض فينفخ نفخة فيخرج الصّوت من الطّرف الّذى يلي الأرض فلا يبقى في الأرض ذو روح الّا صعق ومات ، ويخرج الصّوت من الطّرف الّذى يلي السّماوات فلا يبقى في السّماوات ذو روح الّا صعق ومات الّا إسرافيل ، قال (ع) : فيقول الله لاسرافيل : يا إسرافيل مت ، فيموت إسرافيل ، فيمكثون في ذلك ما شاء الله ، ثمّ يأمر السّماوات فتمور ، ويأمر الجبال فتسير ، وهو قوله تعالى (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً ، وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً) يعنى يبسط ويبدّل الأرض غير الأرض يعنى بأرض لم تكسب عليها الذّنوب بارزة ليس عليها جبال ولا نبات كما دحاها اوّل مرة ويعيد عرشه على الماء كما كان اوّل مرّة مستقلّا بعظمته وقدرته قال (ع) : فعند ذلك ينادى الجبّار تبارك وتعالى بصوت من قبله جهوريّ يسمع أقطار السّماوات والأرضين : لمن الملك اليوم؟ ـ فلا يجيبه مجيب فعند ذلك يقول الجبّار عزوجل مجيبا لنفسه : لله الواحد القهّار ، وانا قهرت الخلائق كلّهم وأمّتهم انّى انا الله لا اله الّا انا وحدي ، لا شريك لي ولا وزير ، وانا خلقت خلقي بيدي ، وانا أمّتهم بمشيّتى ، وانا احييهم بقدرتي ، قال (ع) : فينفخ الجبّار نفخة اخرى في الصّور فيخرج من أحد الطّرفين الّذى يلي السّماوات فلا يبقى في السّماوات أحد الّا حيي وقام كما كان ، ويعود حملة العرش ويحضر الجنّة والنّار ويحشر الخلائق للحساب ، وقد ورد غير ذلك من الاخبار مفصّلا من أراد فليرجع الى المفصّلات. ولمّا كانت النّسب الجسمانيّة من التّناسب والمصاهرة وهكذا ولاء العتق لا تحصل الّا بتوسّط المادّة الجسمانيّة والاعتبارات الجرمانيّة سواء حصل التّناسب بين النّفسين بتلك النّسبة الجسمانيّة أو لم يحصل ، وبالنّفخة الاولى يخلص النّفوس من المادّة الجرمانيّة سواء صارت متعلّقة بأبدان مثاليّة أو كانت مجرّدة عن ذلك ، وبالنّفخة الثّانية لا تعود الموادّ بل الأجسام مجرّدة عن موادّها كان كلّ نسبة وخلّة جسمانيّة منقطعة في النّفختين الّا النّسب الرّوحانيّة الّتى تحصل للإنسان بإحدى البيعتين أو بالسّنخيّة والتّوادد بين المتناسبين فلا يبقى أنساب جسمانيّة بينهم (يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) امّا في النّفخة الاولى فظاهر وامّا في النّفخة الثّانية ففي موقف الحساب لا في جميع المواقف فانّ في بعض المواقف يقبل بعضهم على بعض يتساءلون (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) قد مضى تحقيق الوزن والميزان وبيان الموازين في اوّل سورة الأعراف في نظير الآية (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) لانّهم ضيّعوا بضاعتهم الّتى هي فطرتهم الانسانيّة ومدّة عمرهم من غير اكتساب كمال لنفوسهم فأنفدوا بضاعتهم من غير عوض (فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ) لعدم بقاء الفطرة الّتى تكون غير ملائمة للجحيم ومخرجة منها (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ) لفح النّار بحرّها أحرقت ، والجملتان خبر ان بعد خبر أو الّذين خسروا أنفسهم صفة وفي جهنّم خالدون خبره ، أو في جهنّم خالدون حال وتلفح وجوههم خبر ، أو الجملتان حالان مترادفتان أو متداخلتان أو مستأنفتان (وَهُمْ فِيها كالِحُونَ) كلح كمنع