ما في نفس المعتقد والمقلّد و (١) المتوهّم من الحقّ لا غير.
ثم أقول : فالمظاهر والصفات الظاهرة والمواد من الصور البسيطة والمركّبة آلات لتوصيل المعاني ـ وإن شئت قلت : سبب لإدراكها في حضرة الغيب ـ وذلك بالتفات الروح ووجه القلب من عالم الكون بالرجوع إلى الحضرة العلميّة النوريّة ، على صراط الوجه الخاصّ ، بالنحو المشار إليه.
فإن كانت المناسبة بين العالم وما يراد معرفته ثابتة والنسبة القريبة قويّة ، فإنّ الحاجة إلى أدوات التوصيل تكون أقلّ ، حتى أنّه لتغني الكلمة الواحدة أو الإشارة في تعريف ما في نفس المخاطب من المعاني الجمّة ، وتوصيلها إلى المخاطب ، وفي تذكيره الأسرار العزيزة (٢) والمعلومات الكثيرة ، وربما تكمل المناسبة ويقوى حكم القرب والتوحّد ، بحيث يقع الاستغناء عن الوسائط ما عدا نسبة المحاذاة المحقّقة المعنويّة والمواجهة التامّة ؛ لاستحالة الاتّحاد والمخاطبة في مقام الأحديّة. وحينئذ ينطق لسان (٣) هذه المناسبة بنحو ما قال بعض تراجمة الحقائق والمراتب ـ علم سرّ ما قال أو لم يعلم ـ (٤) :
تكلّم منّا في الوجوه عيوننا |
|
فنحن سكوت والهوى يتكلّم |
ولسان مرتبة الإشارة (٥) بقوله (٦) :
تشير فأدري ما تقول بطرفها |
|
وأطرق طرفي عند ذاك فتعلم |
لكن لا بدّ من حركة واحدة أو حرف واحد في الظاهر يكون مظهرا لتلك النسبة الغيبيّة ، حتى يظهر سرّ الجمع ، فيحصل الأثر والفائدة لتعذّر حصول الفائدة بأقلّ من ذلك ، كما سنومئ إليه ، فالكلمة الواحدة أو الحرف الواحد أو الحركة الواحدة إذا انضافت إلى حكم المحاذاة والمواجهة المذكورة المبقية للتعدّد والمثبتة (٧) سرّ المخاطبة كفت في ظهور سرّ الخطاب ، وحصول الأثر الذي هو وصف الكلام ، وصار (٨) الحرف الواحد هنا (٩) أو الحركة
__________________
(١) ق : المتوهم ، بدون «واو».
(٢) ق : الغريزة.
(٣) ق : لبيان.
(٤) ق : شعر.
(٥) ق : للاشارة.
(٦) ه : قوله : ق ، ه : شعر.
(٧) ق : مثبت.
(٨) ق : فصار.
(٩) ق : منّا.