القلم الأعلى ، ولكن بحسب المرتبة الإنسانيّة الكماليّة من حيث جمعيّتها الكبرى وحيازتها سرّ الصورة. ولو لا الأحكام التمييزيّة الثابتة بين الحقّ سبحانه وما سواه ـ الآتي ذكرها ـ كان الأمر أجلّ وأعظم.
هذا ، مع أنّ للكمّل من هذا الأمر المشار إليه حظّا وافرا ، ولكن عدم الانفكاك التامّ عن القيود من كلّ وجه ، ومقام الجمعيّة الذي أقيموا فيه ، المنافي للانحصار تحت حكم حالة مخصوصة وصفة معيّنة ومقام مقيّد متميّز (١) ـ كما مرّ ذكره ـ يقضيان بعدم دوام هذه الصفة واستمرار حكمها وإن جلّت ، وهكذا أمرهم وشأنهم مع سائر الصفات والمراتب. والمانع لغير الكمّل ـ ممّا أشرنا إليه ـ الحجب الكونيّة والقيود المذكورة ، وكونهم أصحاب مراتب جزئية ، لا استعداد لهم للخروج من رقّها ، والترقّي إلى ما فوقها.
أحكام العلم ونسبه
ثم نقول : والعلم وإن كان حقيقة واحدة كلّيّة فإنّ له أحكاما ونسبا تتعيّن بحسب كلّ مدرك له في مرتبته (٢) ، وبتلك (٣) النسبة المتعيّنة بحسب (٤) المدرك وفي مرتبته لم يتجدّد عليها ـ كما بيّنّا ـ ما ينافي الوحدة العلميّة الأصليّة غير نفس هذا التعيّن الحاصل بسبب المشاهد وبحسبه كما أنّ حقيقة العلم لا تتميّز (٥) عن الغيب المطلق إلّا بما أشرت إليه في أوّل الفصل.
فإذا شاء الحقّ تكميل تلك النسبة العلميّة في مظهر خاصّ وبحسبه ، فإنّ ذلك التكميل إنّما يحصل بظهور أحكام العلم وسراية آثاره إلى الغاية المناسبة لاستعداد المظهر ، والمختصّة به.
وهكذا الأمر في سائر الحقائق ؛ فإنّ كمالها وحياتها ليس إلّا بظهور أحكامها وآثارها في الأمور المرتبطة بها التي هي تحت حكم تلك الحقيقة ، وبحسب حيطتها ولكن بواسطة مظاهرها.
__________________
(١) ب : مميّز.
(٢) ه : مرتبة.
(٣) ق : تلك.
(٤) ق : فحسب.
(٥) ق : لم تتميز ، ه : لا تميّز.