فصاعدا ، والحرف الواحد عند العلماء به لا يؤثّر ، ومن جوّز تأثير الحرف الواحد كشيخنا وإمامنا رضى عنه الله ، فإنّه اعتبر الحرف المشخّص في الذهن مضافا إلى الحرف الظاهر في اللفظ أو الكتابة ، هذا قوله لي مشافهة رضى عنه الله ، فهما إذا حرفان ، فلم يحصل الأثر بالحرف الواحد أصلا باتّفاق المحقّقين.
وأمّا ما ذكره أهل العربيّة في باب الأثر (١) المعهود في «ش» و «ق» و «ع» (٢) فأجيب عنه بأنّ الأصل حرفان وحصل الاكتفاء بالحرف الواحد عند سقوط أحدهما بسبب الأمر ، رعاية للأصل ، وثقة بفهم السامع مراد المتكلّم ، فالفهم المعتضد بالقرينة أو المعرّف بالأصل ناب مناب الحرف الساقط ، ولو لا ذلك لم يحصل الأثر كما (٣) مرّ بيانه.
والكلام ـ كما قلنا ـ هو تأثير من المتكلّم في المخاطب بقوّة تابعة لإرادته المتعلّقة بإيصال ما في نفسه وإبرازه إلى المخاطب.
وهكذا لأمر في إيجاد الحقّ الأعيان الممكنة التي هي كلماته وحروفه وإظهاره لها من نفسه بالحركة الغيبيّة الحبّيّة المعبّر عنها بالتوجّه الإرادي الظاهر حكمه بواسطة جمع الأعيان بالوجود الواحد الشامل لها ، وتركيبها ؛ ليعرف سبحانه وليظهر حكم صفاته وأسمائه وكماله ، كما ستعلم بيانه (٤) عن قريب إن شاء الله تعالى.
سرّ التركيب الستّة في العربيّة
ثم نبيّن الآن سرّ التراكيب الستّة المختصّة بالكلام ، فنقول :
هذه التراكيب مشهورة عند النحويّين ، وقد اتّفقوا في إفادة تركيبين منها ، واختلفوا في الواحد في بعض الصور ، واتّفقوا في عرو الفائدة من الثلاثة الباقية (٥) :
فالمتّفق عليه : تركيب الاسم مع الاسم ، ومع الفعل. والمختلف فيه في بعض الصور : الاسم مع الحرف في النداء. والعاري من الفائدة هو تركيب الفعل مع الفعل ، ومع الحرف ،
__________________
(١) كذا في الأصل. لعلّه الأمر المعهود.
(٢) هي صيغ الأمر من «وشى يشي» و «وقى يقي» و «وعى يعي».
(٣) ق : لما.
(٤) ق ، ه : نبأه.
(٥) حق العبارة هكذا : في عرو الثلاثة الباقية من الفائدة إلّا أن يكون «عري» بمعنى الخلع والنزع لا الخلوّ.